للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"ومن أمثلته: ساء" بالمد، وهو المنبه عليه في النظم بقوله:

٤٩٢-

واجعل كبئس ساء....... ... ................................

"فإنه في الأصل: سوأ، بالفتح" من السوء: ضد السرور، من ساءه الأمر يسوؤه إذا أحزنه، فهو متعد متصرف، "فحول إلى فعل، بالضم، فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى" "بئس" فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له ولفاعله بما ذكرنا" في "بئس".

تقول في الفاعل المقرون بـ"أل" ساء الرجل١ أبو جهل، وفي المضاف إلى المقرون بـ "أل": ساء حطب النار أبو لهب، وفي المضمر المفسر بالتمييز: ساء رجلا، "وفي التنزيل: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: ٢٩] ففي "ساء"٢ ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود إلى النار، ومرتفقًا: تمييز على حذف مضاف، أي: نار مرتفق، لأن التمييز لا بد٣ وأن يكون عين الممييز في المعنى، والمرتفق المتكأ.

"و" فيما يحتمل الفاعلية والتمييز: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: ٤] فيجري في "ما" الخلاف المتقدم، فإن جعلناها فاعلا فيه معرفة ناقصة، أي: ساء الذي يحكمونه، إن جعلناها تمييزًا فهي نكرة موصوفة، أي: ساء شيئًا يحكمون٤، وعليهما: فالمخصوص بالذم محذوف.

وقال الأخفش والمبرد٥: يجري فعل المضموم العين في المدح والذم مجرى فعل الدال على التعجب، فلا يلزم فاعله "أل" أو الأضمار، وهو الصحيح.

"و" على هذا يجوز "لك في فاعل فَعُلَ المذكور أن تأتي به اسمًا ظاهرًا مجردًا من "أل" وأن تجره بالباء" الزائدة تشبيهًا بفاعل أفعل في التعجب. "وأن تأتي به ضميرًا مطابقًا" لما قبله فالظاهر المجرد من "أل" "نحو: فهم زيد"، حملا على "ما أفهم زيدًا"، والمجرور بالباء، وهو الأكثر، نحو: حسن بزيد، حملا على "أحسن بزيد" "وسمع" من العرب: "مررت بأبيات جاد بهن أبياتا وجدن أبياتًا"٦ حكاه الكسائي بزيادة الباء في الفاعل أولا، وتجرده منها ثانيًا.


١ في "ب": "الرجال".
٢ في "ب": "ساءت".
٣ سقطت من "ب".
٤ في "ب"، "ط": "يحكمونه".
٥ انظر المقتضب ٢/ ١٤٩، والارتشاف ٣/ ٢٨.
٦ ورد هذا القول في مجالس ثعلب ١/ ٣٣٠، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>