للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦-٧] فـ"صرط الذين": بدل من "الصراط المستقيم" بدل كل من كل، "وسماه الناظم" في النظم "البدل المطابق"، وخالف الجماعة في تسميته بدل كل من كل، "لوقوعه في اسم الله تعالى، نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: ١-٢] فيمن قرأ بالجر"١، فـ"الله" بدل من "العزيز" بدل مطابق. ولا يقال فيه: بدل كل من كل، "وإنما" لم يقل ذلك، لأن كلا إنما "يطلق" على ما يقبل التجزيء، فعند الإطلاق تدل "كل، على ذي أجزاء، وذلك ممتنع هنا"، لأن الله تعالى منزه عن ذلك، ولا يحتاج البدل المطابق إلى ضمير يربطه بالمبدل منه، لأنه نفس المبدل منه في المعنى، كما أن الجملة التي هي نفس المبتدأ في المعنى لا تحتاج لرابط.

"والثاني: بدل بعض من كل: وهو بدل الجزء من كله، قليلا كان ذلك الجزء" بالنسبة إلى الباقي من المبدل منه، "أو مساويًا" له "أو أكثر" منه "كـ: أكلت الرغيف ثلثه"، فالثلث أقل من الباقي، وهو الثلثان، "أو نصفه"، فالنصف مساو للنصف الثاني، "أو ثلثيه"، فالثلثان أكثر من الثلث الباقي.

وذهب الكسائي وهشام إلى أن [بدل] ٢ البعض لا يقع إلا على ما دون النصف فلا يسمى: أكلت الرغيف نصفه أو ثلثيه أو أكثره، بدل بعض عندهما. "ولا بد" في بدل البعض "من اتصاله بضمير يرجع إلى المبدل منه" ليربط البعض بكله. "مذكور" ذلك الضمير، متصل بالبدل أو بغيره، فالأول "كالأمثلة المذكورة" في قوله: ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. "و" الثاني "كقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} " [المائدة: ٧١] فـ"كثير" بدل من الواو الأولى فقط، والواو الثانية عائدة على "كثير" لأنه مقدم رتبة، والأصل؛ والله أعلم: ثم عموا كثير منهم وصموا. والذي حملنا على ذلك أنا لو جعلناه بدلا من الواوين معًا لزم توارد عاملين على معمول واحد، وإن جعلناه بدلا من أحدهما، وبدل من الآخر محذوف، فهو متوقف على إجازة حذف البدل، وإن جعلناه بدلا من الواو الثانية فقط بقيت الأولى بلا مفسر، وإن جعلناه مبتدأ، والجملة قبله٣ خبره، فقال البيضاوي٤: إنه ضعيف، لأن تقديم الخبر في مثله ممتنع. ا. هـ.


١ وهي قراءة الجمهرو، وقرأ "اللهُ"؛ بالرفع: نافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن. انظر الإتحاف ص٢٧١، والنشر ٢/ ٢٩٨.
٢ إضافة من "ط".
٣ في "ب": "بعده".
٤ أنوار التنزيل ٢/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>