للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأغلب الظن أن هذا الكلام ليس إلا ترديدا لرأي شيخهم سيبويه في هذه النقطة ذاتها. فهذا هو الزجاجي يقول: وهمزة ايمن في نحو: قولهم: ايمن الله لأفعلن ذلك "ألفه ألف وصل، إلا أنها فتحت لدخولها على اسم غير متمكن، كذلك يقول سيبويه: واشتقاقه عنده من اليمن. واستدل على ذلك بقول بعضهم: ايمن الله بكسر الألف ولو كانت ألف قطع لم تكسر، ويقول الشاعر:

فقال فريق القوم لما نشدتهم ... نعم وفريق ليْمُنُ لله ما ندري

فحذف الألف في الوصل"١.

أما عند الكوفيين فايمن جمع لا مفرد؛ إذ ليس في رأيهم اسم مفرد في العربية على وزن أفعل. أما آجر وآنك فأعجميان في نظرهم. وهمزتهما همزة قطع عندهم، ولكنها عوملت معاملة همزة الوصل فسقطت في الدرج لكثرة الاستعمال٢. وهذا هو ما يروى عن الفراء كذلك. يقول الزجاجي في الجمل: قال الفراء: "ألف ايمن ألف قطع وهي جمع عنده"٣.

وهكذا يقع الخلاف بين الفريقين ويلتمس كل منهما العلل والتأويلات لما ذهب إليه. وفي اعتقادنا أن الحق في جانب الكوفيين ومن تابعهم. وأما ما اعتل به البصريون من سقوط الهمزة في وصل الكلام فليس يكفي دليلا مقنعا للقول بأنها همزة وصل فهذا السقوط لا يعدو أن يكون ظاهرة فنولوجية اقتضاها السياق، لا لأنها "جعلت للوصل"، كما ادعوا.

وأما تحريك هذه الهمزة بالكسر -كما قرر سيبويه- فذلك يغلب أن يكون لهجة خاصة ينبغي ألا تنسحب أحكامها على غيرها من أساليب الكلام.


١ الزجاجي: الجمل ص٨٥-٨٦.
٢ انظر: حاشية الخضري على ابن عقيل جـ٢ ص١٨١. وشرحي مراح الأرواح لشمس الدين أحمد وابن كمال باشا ص٥٦.
٣ الزجاجي: السابق ص٨٥-٨٦.

<<  <   >  >>