للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الكلم الثلاث نحو: سوفَ وقامَ وأينَ. والنوعان الآخران، وهما الكسر والضم ولثقلهما وثقل الفعل، لم يدخلا فيه ودخلا في الحرف والاسم"١.

وفي هذا النص كذلك نلاحظ أن السكون عومل معاملة الحركات من حيث "الوجود الصوتي"، فهو يظهر فعلا في الكلمات المختلفة أو يدخلها كالحركات تماما. كما أن وصفه بالخفة ومقارنته بالفتحة في ذلك، فيه إشارة واضحة إلى خاصة "الوجود الصوتي" هذه، إذ الخفة إنما تكون في النطق أولا وقبل كل شيء.

ومن الواضح أن ابن هشام هنا يردد قولة ابن مالك عن أنواع البناء:

ومنه ذو فتح وذو كسر وضم ... كأينَ أمسِ حيثُ والساكن كمْ

ولابن هشام رأي آخر في مفهوم السكون يختلف عن رأيه السالف بل يكاد يناقضه، إذ يشير إليه كما لو كان شيئا سلبيا أو شيئا يتحقق وجوده عند زوال غيره "ويعني بذلك الحركات". وهذا التفسير يؤخذ من قوله: وعلامات الإعراب الأصلية أربع "هي الضمة للرفع، والفتحة للنصب، والكسرة للخفص، وحذف الحركة للجزم"٢ وهو في هذا السياق كذلك متأثر بقول ابن مالك:

واجزم بتسكين

والتسكين -كما فسروه وارتضاه الكثيرون منهم- معناه حذف الحركة "لا عدمها". وهذا الرأي الثاني -وإن كنا لا نميل إليه- يسير في الاتجاه الصحيح حيث نفى الإيجابية الصوتية عن السكون، غير أنه كان الأولى أن يعبر عن هذه الحالة "بعدم الحركة"، لأن "حذف الحركة" -حسب عبارته السابقة- يفيد أنه كانت هناك حركات ثم أزيلت. والواقع اللغوي -كما هو


١ التصريح على التوضيح، جـ١ ص٥٩.
٢ انظر التصريح على التوضيح جـ١ ص٦١.

<<  <   >  >>