هؤلاء العلماء أن "السكون" قد يكون نهاية المقطع، كما في نحو: ضربت: ضَ/ رَبْ/ ت. ولم يغب عن أذهانهم بالطبع ما تلعبه هذه الظاهرة من دور بارز في التفاعيل العروضية إلى غير ذلك من الوظائف الصوتية الخاصة بموسيقا الكلام، كما في الوقف مثلا.
فمن المحتمل أن تكون هذه الوظائف وغيرها قد خدعت هؤلاء العلماء فساووا بين السكون والحركات من جهات أخرى، فظنوه شيئا ينطق، كما تنطق الحركات، وسموه حركة كذلك، على حين أنه "لا شيء" من الناحية النطقية كما أنه ليس حركة من هذه الناحية أيضا وإنما هو عدمها، كما سنعرف فيما بعد.
أما السبب الثاني: فهو وجود رمز خاص بالسكون في نظام الكتابة العربية. فربما أوحى هذا التخصيص إلى بعضهم بأن مدلول هذا الرمز "هـ" لا بد أن يكون شيئا ينطق ويتلفظ به بالفعل، شأنه في ذلك شأن الحركات المختلفة التي خصص لكل واحدة منها رمز مستقل كذلك. ولعل هذا نفسه هو السر في حكم بعض آخر على السكون بأنه حركة ومنحه أهم خواصها عندهم: فهو شيء تجتلبه العوامل، ويظهر كما تظهر الحركات ويقدر كما تقدر إذا لم يكن ظهوره مستطاعا.
وقد جرهم هذا الخلط في فهم الرموز الكتابية ووظيفتها إلى إطلاق المصطلح "ساكن""وما اشتق منه" على كل "حرف" خلا من علامات الحركات الثلاث: الفتحة والكسرة والضمة. وهذا "الحرف" يتحقق في صورتين رئيسيتين:
إحداهما تتمثل في كل حرف "صحيح" لم تصاحبه هذه العلامات، وقد ابتكروا هم لهذه الحالة علامة مميزة هي "هـ"، وسموها السكون، ودعوا مدلولها الحرف الساكن كالباء في نحو لم يضرب.