حفني ناصف بأن من صفات الأصوات "المد ويختص بالأحرف "وي ا" الساكنة المسبوقة بحركة مجانسة"١.
فهذه الأحرف في نظرهم مدات وهي في الوقت نفسه ساكنة، وهذه المدات كذلك مسبوقة بحركات مجانسة. حكمان لا صحة لأحدهما، ويدلان على اضطراب في فهم حقائق الأشياء. فكونهما مدات يعني بداهة كونها حركات طويلة "uu-ii-aa" وذلك يبطل كونها ساكنة، إذ السكون عدم الحركة. وعلى هذا لا يمكن فهم كلامهم هنا إلا على تفسير السكون بأنه خلو من علامة الحركات القصار. ولكن الخلو من هذه العلامة "وهي رمز كتابي لا صوت" لا يعني عدم الحركة في النطق دائما، فقد يتحقق هذا العدم في نحو لم يضرب، وربما لا يتحقق كما في نحو غزا، ويرمي، ويدعو، حيث تنتهي هذه الكلمات بحركات طويلة، هي أصوات المد التي نعتوها بالسكون خطأ بسبب خلوها من علامات الحركات القصار.
أما أن هذه المدات مسبوقة بحركات تجانسها فهو وهم آخر لا أساس له من الصحة؛ إذ ليست هناك حركات سابقة أو لاحقة، وإنما المدات نفسها هي الحركات وهي حركات طويلة ويرمز إليها في الكتابة بالرموز المعروفة "اوي = aa: قال، uu: يدعو، ii: أرمي". وقد ساقهم إلى هذا الاضطراب عدم قدرتهم على التمييز بين الرمز والصوت أو المكتوب والمنطوق.
فالواو مثلا بوصفها رمزا في نحو: أدعو، يمكن تسميتها "ساكنة" بمعنى أنها خالية من علامات الحركات القصيرة، ولكنها بوصفها صوتا حركة طويلة. ويبدو أن علماء العربية قد اعتمدوا على الاعتبار الأول دون الثاني، ومن ثم كان حكمهم عليها بالسكون وأنها مسبوقة بحركة تجانسها هي الضمة، مخدوعين في ذلك بالرسم الكتابي. وقد زاد في هذا الخداع ما عمد
١ حفني ناصف: أو تاريخ الأدب، أو حياة اللغة العربية ص٢١.