للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه بعضهم من وضع علامة لما ظنوه حركة قصيرة تسبق حروف المد، فوضعوا فتحة قبل الألف في "قال" وكسرة قبل الياء في "أرمي" وضمة قبل الواو في "أدعو".

وهذا -في رأينا- سلوك خاطئ تماما من وجهة النظر الصوتية، إذ الحروف هنا ليست ساكنة ولا مسبوقة بحركة، إنها نفسها هي الحركات "وهي طويلة" وقد أشير إليها كتابة بالألف والياء والواو. ومعنى هذا أننا لسنا في حاجة إلى وضع علامات الحركات القصار قبل هذه الحروف، أو ليس هناك من الأصوات ما تمثله أو تشير إليه. وانتفاء الأصوات يقتضي -ضرورة- انتفاء الرموز، إذ الرموز تابعة للأصوات لا العكس.

ومن هذا الضرب كذلك ما جاء في كلام بعضهم من حكمهم على الألف بأنها حركة وأنها ساكنة في الوقت نفسه. وهو في حقيقة الأمر تناقض صريح أوقعهم فيه الخلط بين السكون وبين القيم الصوتية لأحرف المد.

يرى صاحب المراح أن الفعل الماضي إنما بني على الفتح، لأن الفتح "أخو السكون ولأن الفتحة جزء الألف، والألف أخو السكون". ثم يعلق عليه شارحه بقوله: "يعني أن بين الفتح والسكون مناسبة، وبين الألف والسكون مناسبة أيضا، لأن الألف ملزوم السكون لأنه ساكن أبدا، فيكون بين الفتح والسكون مناسبة، وحيث تعذر السكون صير إلى ما يناسبه من الحركات عملا بالأصل بقدر الإمكان"١. فالألف في نظرهم حركة طويلة لأنه "مركب من فتحتين" وهو قول صحيح مقبول، ولكنه كذلك ساكن عندهم، وهو وهم واضح، والجمع بين هاتين الصفتين أمر ترفضه طبائع الأشياء.

ولقائل أن يقول: لعل علماء العربية أطلقوا المصطلح "ساكن" على الواو والياء والألف في نحو: أدعو وأرمي وقال، للتفريق بينها وبين الواو والياء


١ مراح الأرواح ص٢٥.

<<  <   >  >>