للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشفاه حال النطق بها. فقد روي عنه أنه كان يقول للكاتب الذي اختاره لتشكيل القرآن: "إذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه وإذا كسرتهما فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممتها فاجعل النقطة بين يدي الحرف ... " ومن الثابت كذلك أنهم في تلك الفترة لم يكونوا يستخدمون أية علامة أو إشارة في الكتابة للدلالة على الحرف "الساكن"١.

وهذا ابن جني، عندما يبين العلاقة بين الحركات القصار والحركات الطوال، لا يعرض للسكون ولا يحاول ربطه بهذه الحركات، بل إن عبارته في هذا المقام تنفي صراحة احتمال كونه واحدًا منها حيث حصرها في ثلاث فقط. يقول: "اعلم أن الحركات أبعاض حروف المد واللين، وهي الألف والياء والواو. فكما أن هذه الحروف ثلاثة، فكذلك الحركات ثلاث، وهي الفتحة والكسرة والضمة"٢.

ويؤكد ابن جني هذا المعنى نفسه حين يعلل -بطريقته الفلسفية المعهودة- تسمية الحركات بهذا الاسم، حيث يأتي تعليله غير منطبق بحال على السكون أو على خاصته من ناحية النطق. وفي هذا التعليل جاء قوله: "وإنما سميت هذه الأصوات الناقصة حركات، لأنها تعلق الحرف الذي تقترن به وتجذبه نحو الحروف التي هي أبعاضها. فالفتحة تجذب الحرف نحو الألف والكسرة تجذبه نحو الياء والضمة تجذبه نحو الواو"٣.

رأي الأستاذ إبراهيم مصطفى:

ولأستاذنا إبراهيم مصطفى رأي في السكون يتفق في أساسه مع تلك الآراء التي أوجزناها في المجموعتين الأوليين من أقوال العرب في هذا


١ انظر: تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية لحفني ناصف ص٦٧.
٢ سر صناعة الإعراب لابن جني ص١٩.
٣ سر صناعة الإعراب لابن جني ص٣٠.

<<  <   >  >>