للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوع. وتذهب هذه الآراء في عمومها إلى أن السكون شيء ينطق وأنه حركة، أو تعامله معاملة الحركات من حيث الخواص النطقية، وإن لم تطلق عليه المصطلح "حركة" بطريق التصريح. وهو بالإضافة إلى ذلك، حين يعرض وجهة نظره، يعرض من وقت إلى آخر لبعض المشكلات الصوتية ويذهب فيها مذاهب تدعو إلى النظر والمناقشة. لذلك آثرنا تخصيص جزء مستقل من هذا البحث لبيان حقيقة الأمر فيما اشتمل عليه كلام هذا الدارس الكبير.

ولم يكن السكون في حد ذاته هو النقطة الأساسية في دراسات إبراهيم مصطفى وإنما جره إليه موضوع آخر ألح عليه إلحاحا شديدا، فعكف عليه، وأولاه عناية فائقة وخصص له جزءا كبيرا من كتابه المشهور "إحياء النحو".

هذا الموضوع الآخر يتمثل في موقف الباحث من "الفتح" أو الحركة المسماة "بالفتحة" ووظيفتها في العربية. إن الفتحة عنده -بخلاف أختيها الكسرة والضمة- ليست "علامة إعراب ولا دالة على شيء، بل هي الحركة الخفيفة المستحبة عند العرب التي يراد أن تنتهي بها الكلمة كلما أمكن ذلك. فهي بمثابة السكون في لغة العامة"١. ثم يتدرج من ذلك إلى إثبات أن الفتحة أخف في النطق من الكسرة والضمة كليهما، ولم يكتف بهذا القدر، بل إنه يحاول جاهدًا تأكيد خفة الفتحة "عن السكون" كذلك يقول:

"فخفة الفتحة في النطق وامتيازها في ذلك على أختيها الضمة والكسرة أمر جلي، يؤيده البرهان من كل وجه. والذي نحاول أن نقرره بعد، هو أن الفتحة أخف من السكون أيضا وأيسر نطقا. وخصوصا إذا كان ذلك في وسط اللفظ ودرج الكلام"٢.


١ إحياء النحو لإبراهيم مصطفى ص ز، ٥٠، ٧٨.
٢ السابق ص٨١.

<<  <   >  >>