الثلاث التي لحقت الفتحة في هذه الأمثلة ذات قيمة نطقية فقط، وليست ذات قيمة في الدلالة، أي في التفريق بين المعاني. والفرق في المعاني بين هذه الكلمات الثلاث إنما سببه الدال والضاد والقاف، وليس ترقيق الفتحة أو تفخيمها أو نطقها بين الحالتين. ومن ثم يقع الخطأ في المعنى والنطق أو اللبس فيهما إذا حدث خطأ في نطق هذه الأصوات الثلاثة "الدال والضاد والقاف" أي بالإتيان بها على وجه مخالف لطبيعتها النطقية المقررة من ترقيق أو تفخيم أو "وسطية".
ومعنى ذلك -كما قررنا- أن الحركات في العربية بوصفها وحدات مميزة للمعاني والقيم الدلالية في اللغة العربية ست فقط، وإن تعددت صورها النطقية الفعلية في السياقات المختلفة. وعد هذه الحركات ستا فقط هو المأخوذ به في النظر العلمي في النظام الصوتي للغة العربية، وهو المبدأ المتبع "باتفاق" عند محاولة وضع القواعد أو الضوابط الصوتية الوظيفية المميزة لهذه اللغة.
وقلة الحركات في لغة ما حسنة من حسنات هذه اللغة في النطق والأداء الفعلي للكلام. ذلك أن الحركات -في عمومها- أصعب من الأصوات الأخرى وأكثرها تعرضا للتغيير والتبدل. ومن الطبيعي أنه كلما زاد عدد الحركات كانت صعوبة النطق أقوى احتمالا وظاهرة التغير والتحول أكثر وقوعا. زد على ذلك أن كثرة الحركات تقود حتما إلى تداخلها والخلط بينها من حين إلى آخر، الأمر الذي نتج منه -لا محالة- خطأ في النطق أو خلط فيه، ويؤدي إلى الخطأ في المعنى أو اللبس فيه. واحتمال الوقوع في الخطأ في نطق هذه الحركات الكثيرة واضح كل الوضوح عندما يحاول أجنبي استخدام تلك اللغة الكثيرة حركاتها كما يبدو ذلك لنا عندما ينطق العربي اللغة الإنجليزية حيث يقع في أخطاء نطقية واضحة، كما يخلط بينها خلطا غير مقبول.