تحصيلها بالاعتماد على التفاعل مع البيئة الطبيعية، فإن هناك خبرات أخرى -وغير المباشرة منها بوجه خاص- لا يمكن اكتسابها إلا باللغة وبالقدرة على استخدامها استخداما ناجحا. وقد لاحظ المربون وعلماء النفس أن هناك ارتباطا وثيقا بين النجاح في تحصيل المواد المختلفة والقدرة اللغوية، ذلك لأن اللغة تلعب الدور الأكبر في استقبال الأفكار واستيعابها والتعبير عنها. فالتلميذ المتقدم في مادته اللغوية يفوق أقرانه في سرعة الفهم والتحصيل لما يقرأ، ويقوده هذا في النهاية إلى نجاح محقق في دارسته، بل في الحياة بجملتها.
وليس يقتصر دور اللغة على تيسير التحصيل والاستيعاب للمواد الدراسية. إنها بالإضافة إلى ذلك -تمد المتعلم بعامل مهم من عوامل النجاح في الحياة العامة، إذ تمنحه القدرة على أن يتعامل بالكلمة تعاملا لبقا ذكيا،، فيتحدث ويناقش بوضوح وتركيز، ويقرأ ما تقع يده عليه ويفهمه في جلاء وعمق. وهذا الضرب من استغلال اللغة وفنونها من شأنه أن يفتح للإنسان في الحياة مجالا أوسع ويسير به في دنيا الثقافة إلى مدى أرحب.
إذا كان هذا هو دور اللغة في المدرسة وخارجها أصبح من الضروري إعطاؤها حقها من الاهتمام والعناية. ولقد اتجهت أنظار الباحثين العرب في السنوات الأخيرة إلى هذا الموضوع ومحاولة دراسته من شتى جوانبه. وأخذوا في تصنيف مشكلات تعليم اللغة العربية بالمرحلة الأولى بوجه خاص آملين بذلك أن يصلوا إلى خطة محددة مبنية على أسس علمية جادة.
وكان من الطبيعي أن يواجهوا أول الأمر في هذا المجال بموضوع قديم حديث، هو تحديد "نوعية اللغة" أو "الصيغة اللغوية" التي ينبغي أن يؤخذ بها في هذه المرحلة أو التي يمكن أن تكون المنطلق لما ننتوي تقديمه للتلاميذ في السنوات الأولى من التعليم.