للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقومات هذه القومية. إنها الرابطة الوثقى التي تربط العرب بعضهم ببعض سياسيا وثقافيا واجتماعيا كذلك. إن تفضيل أية صيغة لغوية أخرى عليها يعرض الوَحدة العربية للانهيار. ويجعل من هذه الأمة مجموعات من الدول المتنافرة المتضاربة في أهدافها وآمالها.

٣- اللغة الفصحى هي السجل الحي لحضارة عربية عريقة، تضرب بعيدا في أعماق التاريخ، ولسنا نملك أن نقطع الواصلة بين هذه الحضارة وواقعنا الراهن، وإلا كان علينا أن نبدأ من جديد، ونحتاج إلى أحقاب طويلة لا يعلم مداها إلا الله كي نبني حضارة أخرى جديرة بأمة عريقة تحاول أن تأخذ موقعها اللائق بها في مجتمع حديث زاخر بألوان شتى من مناحي الفكر والتقدم الإنساني. وهيهات أن تصمد حضارة من هذا النمط أمام التيارات الفكرية والثقافية في العالم المعاصر ما لم يكن لها سند واتصال وثيق بأصول حضارية عريقة عميقة كتلك التي نعم بها العرب في تاريخهم الطويل.

٤- وقد يضيف بعضهم إلى ذلك عاملا أو دليلا آخر يتصل بذات الفصحى، وخواصها أنها -في نظرهم- لغة غنية في وسائل التعبير، ألفاظا وعبارات، وهي بذلك تمد المتعلم بزاد لا ينفد من وسائل الإفصاح عن النفس، كما تعينه على الأخذ بنصيب وافر من ألوان المعرفة والخبرة.

مناقشة القولين:

وفي رأينا أن كلا من الاتجاهين السابقين -إذا أخذنا بأيهما وحده على إطلاقه دون تحديد- تقف في طريقه عقبات، وتقابل تطبيقه مشكلات قومية وتربوية وعملية.

فالبدء بالعامية في المراحل الأولى من التعليم على الرغم من اتساقه الظاهري مع مبدأ وجوب الانطلاق من المعلوم إلى المجهول، يثير على الفور هذا السؤال:

<<  <   >  >>