وبالرغم من أن هذين المبدأين ينتظمان معادلة صعبة "تتمثل في وجوب الأخذ بالعامية وحدها وفقا للمبدأ الأول وبالفصحى فقط تمشيا مع المبدأ الثاني" فإن النظر المتأني الفاحص يستطيع أن يمدنا بخطة تسلمنا إلى صيغة لغوية مقبولة.
في مقدور البحث العلمي الدقيق أن يقرر أن هناك في البيئة العربية الواحدة مستويات لغوية ذات سمات وخواص مختلفة. أهم هذه المستويات وأقربها إلى الواقع وأكثرها شمولا واتساعا ثلاث هي:
١- العامية.
٢- الفصحى المعاصرة.
٣- فصحى التراث.
العامية:
هي لغة الحديث اليومي الدارج ولغة الحياة العامة بكل ما فيها من أوجه النشاط الإنساني على مستوى الجماهير العريضة. وهذه صيغة لغوية معروفة مستقرة في كل بلد عربي.
والفصحى:
المعاصرة صيغة لغوية تستخدم في الكتابة في الأغلب الأعم. فهي لغة التأليف في شتى مناحيه وفنونه. وهي بالإضافة إلى ذلك لها وجود من نوع ما في الكلام المنطوق والاستعمال الفسيولوجي الحي، كما يبدو مثلا في المحاضرات الجامعية الجيدة، والخطب السياسية الجادة، وفي الندوات العلمية ذات المستوى اللائق، وفي نشرات الأخبار في الإذاعة "بوسيلتيها الراديو والتليفزيون".
وهذه الفصحى تنتظم -فيما تنتظم- خواص اللغة العربية الأساسية، فهي تراعي قواعد الإعراب في جملتها، وتسير -بصورة عامة- على قوانين نظم الكلام العربي. كما ألفناه في عصور العربية الأصيلة. ولكنها -في الوقت نفسه- طورت لنفسها وسائل حديثة من التعبير.