للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثنايا العامية. إن العامية في الوقت الحاضر ليست بعيدة عن "الفصحى المعاصرة" بالقدر الذي يظنه بعض الناس. إن الدراسة الجادة والبحث العلمي الدقيق كفيلان بالعثور على عناصر مشتركة كثيرة. تصلح في نظرنا نقطة بدء موقوت لتعليم اللغة القومية في المراحل الأولى.

وهنا ينبغي أن نشير إلى أمرين مهمين:

١- إن هذا المنهج ليس دعوة إلى العامية بحال من الأحوال. إنه على العكس من ذلك يرمي إلى خدمة لغتنا القومية، وذلك بسبب الوصول إليها والتمكن منها من طريق واقعي مألوف للمتعلمين، ومن ثم يقبل المتعلم على ما يلقى إليه ولا يمله أو يرغب عنه.

٢- إن الأخذ من العامية ليس أخذا مطلقا في المادة أو الفترة الزمنية. أما من حيث المادة فهذا الأخذ مشروط بعملية الانتقاء والاختيار، وهو من حيث الفترة الزمنية أخذ موقوت كما قررنا، فلا علينا إن نحن أخذنا -في البداية- بعناصر عامية مختارة لفترة محددة، محاولين التقليل أوالتخلص منها بالتدريج، حتى يقف التلميذ على أرض صلبة يستطيع الانطلاق منها نحو الفصحى بدرجاتها ومستوياتها المختلفة.

هذا الطريق بجانبيه يضمن لنا الوفاء بالمبدأ الأول المقرر الأخذ به في عملية التعليم بعامة. وهو مبدأ "وجوب الانتقال من المعلوم إلى المجهول" ومعناه في النهاية أن الأخذ بالفصحى المعاصرة مع الاعتماد على عناصر مختارة من العامية والتدرج من هذه الفصحى إلى فصحى التراث يتمشى مع المبدأين المقررين والواجب اتباعهما معا في تعليم اللغة.

وهنا قد يتساءل الناس: كيف تتخذ العامية مدخلا إلى الفصحى ومعبرا إليها؟ والإجابة عن هذه التساؤل تتلخص في وجوب القيام بعملية اختيار وانتقاء. وهذا الاختيار في حاجة إلى دراسة شاملة واسعة للهجات، لتعرُّفِ

<<  <   >  >>