بمجموعة من السمات التي لا تلبث أن تتلاشى أو تقل بمجرد الانتقال من وإلى هذه الصيغة أو تلك. على أنا قد قررنا منذ البداية وجوب الاستعانة بفصحى التراث والتدرج إليها، حتى نصل في النهاية "وهذا أمل كبير" إلى أسلوب عربي موحد، لك فيما بعد أن تسميه "اللغة المشتركة" أو "الفصحى" بدون نعوت أو أوصاف مميزة.
السبب الثاني:
الفصحى المعاصرة -كما نعهدها ونستخدمها الآن- ليست مجهولة تمام الجهل للمتعلمين، وإن شق عليهم التحدث بها أو استخدامها في التعبير عن ذوات أنفسهم، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تقابل تلاميذ المراحل الأولى، حيث إنه من المقرر وجوب البدء معهم بما يعرفون وبما يستطيعون استخدامه في الحديث، وبما يألفونه ويقع تحت خبرتهم من ثروة لغوية. وهنا ينبغي أن نقف وقفة متأنية لنتدبر الأمر.
علينا في هذا الموقف أن نلجأ إلى طريقين اثنين متصلين غير منفصلين.
أولهما: استغلال ما لديهم من معرفة بعناصر الفصحى المعاصرة، تلك المعرفة التي حصلوا عليها بطريق الاستماع إلى الأحاديث الجيدة من الإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام والتثقيف. إن هذه العناصر - على الرغم من قلتها -تمثل خطوة على الطريق.
ثانيهما:"وهو الأهم" سبيلنا إلى استغلال هذه العناصر الفصيحة وتنميتها هو اتخاذنا العامية "في الوطن العربي المعين" مدخلا إلى الفصحى ومعبرا إليها. وربما يسهل علينا ذلك ما نلمسه من تداخل بين الفصحى المعاصرة وبعض عناصر العامية، وبخاصة فيما يتعلق بالثروة اللفظية. إننا -بقطع النظر عن قواعد الإعراب وبعض قواعد النظم- نستطيع الانتقال من العامية إلى الفصحى، كما نستطيع أن نعثر على عناصر فصيحة مهمة في