للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الفصحى المعاصرة هي أساس العمل ومحوره، فلأسباب منوعة نرشحها للقبول أكثر من الصيغ اللغوية الأخرى.

السبب الأول:

أن هذه الفصحى -بالأوصاف السابق ذكرها وموقعها في سلسلة التدرج اللغوي المشار إليه فيما مضى- هي "اللغة القومية" للعرب في عصرنا الحديث. إنها حين تستخدم في الكتابة أو الحديث يفهمها العرب أينما كانوا وأينما حلوا، وإن كان ذلك بدرجات تتفاوت قليلا بحسب السن أو الثقافة أو درجة التعليم. إن المؤلف أو البحث أو المقال المعين يكتب بها في القاهرة أو في بيروت أو بغداد أو غيرها من العواصم العربية فيلتقطه الناس ويتناولونه بالقراءة، ويدركون ما فيه في سهولة ويسر، ويستوعبون مادته إلى حد كبير.

وإن استمع إليها العرب منطوقة في أي موقع في بلادهم استجابوا لها، وانفعلوا بها وأدركوا ما تحمله من معان وأفكار، بدون معاناة أو بذل مجهود خاص، وسبيلك إلى التأكد من هذا الذي نقول أن تستمع إلى خطاب سياسي جيد أو حديث علمي جاد أو إلى نشرة أخبار مبثوثة على الهواء من إذاعة هذا العربي أو ذاك.

إن العربية الفصحى -بهذا الموقع وتلك الخواص والسمات- تفي بأغراض المبدأ الثاني الذي قررنا وجوب اتباعه فيما سبق، وهو "كون اللغة التي تقدم في المراحل الأولى من التعليم هي اللغة القومية".

والأخذ بهذه الصيغة من الفصحى لا يعني انعزالنا عما سمي "بفصحى التراث" أو بعدنا عنها أو إهمالها بحال من الأحوال، إن الفصحيين كلتيهما حلقتان متصلتان اتصالا وثيقا، ليس بينهما انعزال أو حدود فاصلة فصلا تاما. إنهما أشبه بجانبين من جوانب شيء واحد اختص كل جانب منهما

<<  <   >  >>