للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى ما تقدم أن الألف في هذه المرحلة أصبحت ذات مدلولين مختلفين: أحدهما: صوت الهمزة والثاني: الفتحة الطويلة وكانت تستخدم في الرسم كذلك للدلالة عليهما على سواء. ويبدو أن الأمر استمر على هذا الوضع لفترة من الزمن، حتى ابتكر الخليل بن أحمد علامة مميزة للهمزة هي عبارة عن رأس عين صغيرة "ء"، فأخذت هذه العلامة الجديدة تلعب دورها في تصوير صوت الهمزة. وإنما اختار الخليل هذا الرمز بالذات، لأنه -على ما يروى- أحس بقرب مخرج الهمزة من مخرج العين، أما سبب وضع هذا الرمز فهو -على ما يبدو- محاولة تجنب اللبس الناشئ عن استعمال الألف في تصوير الفتحة الطويلة بالإضافة إلى تمثيله الهمزة رسما.

ويستنتج من هذا أن الهمزة نطقا كانت تكتب دائما بالألف قبل هذه المرحلة. أما بعد ابتكار الرمز الجديد "ء" فالأحداث تسير إلى أن الهمزة صارت تصور بهذا الرمز، ولكن في أشكال مختلفة: فهذا الرمز الجديد إما أن يكتب على ألف أو ياء أو واو أو على لا شيء طبقا لمواقع الهمزة في الكلمة. أما كتابتها فوق الألف "أو تحته على خلاف في ذلك إذا كانت مكسورة" فقد حددت لها مواقع محددة، وإضافتها إلى الألف هنا إنما هو توكيد للفرق بين الهمزة نطقا وبين الفتحة الطويلة التي تكتب بالألف هي الأخرى، ولكن بدون العلامة "ء"، وإنما كتبت على الياء تارة وعلى الواو أخرى مراعاة لحالات التخفيف، وقد تكفل ابن جني بتوضيح ذلك فيما تقدم١.

ويلح علينا في هذا المجال سؤال مهم، هو: متى استعمل الاسم "الهمزة" أو "الهمز" للدلالة على ذلك الصوت المعروف "بالوقفة الحنجرية"؟ هذا سؤال كثر الكلام حوله، ولكنا -أسفا- لا نستطيع أن نأتي فيه بالقول الفصل، إذ ليست لدينا نصوص تحدد تحديدا دقيقا بداية ظهور هذا


١ "انظر ص٥٢-٥٣ من هذا البحث".

<<  <   >  >>