للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاسم بوصفه مصطلحا فنيا يطلق على الوقفة الحنجرية. ولكن من المحقق أن هذا الاسم بهذا المعنى كان معروفا أيام الخليل، وربما قبل زمنه، بل ربما امتدت بداية استعمال هذا المصطلح في هذا المعنى الجديد إلى زمن الخلفاء الراشدين. وهناك نصوص -إن صحت- تدل على هذا الاحتمال وتؤيده. فقد روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال: "نزل القرآن بلسان قوم وليسوا بأصحاب نبر، ولولا أن جبريل نزل بالهمزة على النبي صلى الله عليه وسلم ما همزتها"١.

وفي هذا النص نلاحظ استعمال كلمة "نبر" في معنى الهمزة "أو الهمز"٢، وهي في واقع الأمر المصطلح الأصلي الذي كان يطلق على الوقفة الحنجرية قبل أن تسمى همزة. والنبر -كما هو معروف- معناه في الأصل الضغط والحصر، وهو -كما ترى- معنى ملحوظ في نطق الهمزة. وعلى هذا يمكن أخذ هذا النص على أنه يمثل فترة بداية الانتقال من الاستعمال القديم "وهو النبر" إلى الاستعمال الجديد "وهو الهمزة" الذي تأكد وأصبح مقررا بابتكار الخليل له رمزا مستقلا.

ونلاحظ على كل حال أن ابتكار الرمز الجديد "ء"، لم يمنع الناس من إطلاق الألف على الهمزة والفتحة الطويلة كلتيهما، وكان إطلاقه على الهمزة بطريق الأصالة، وعلى الفتحة الطويلة بطريق التوسع والمجاز. ولكن يبدو أن الأمر -بمرور الزمن- قد انعكس وأصبح الناس يظنون أن الألف أصل في الفتحة الطويلة، ولكنه يطلق على الهمزة بطريق الاشتراك في الاسم أو المجاز. وهذا الفهم واضح كل الوضوح من كلام بعض المتأخرين. جاء في شرح المراح:


١ مراح الأرواح وشرحه لابن كمال باشا ص٩٨، وحفني ناصف تاريخ الأدب ص١٣.
٢ قال ابن منظور: "النبر بالكلام: الهمز ... وفي الحديث، قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبئ الله١ فقال: "لا تنبر باسمي"، أي: لا تهمز وفي رواية: فقال إنا معشر قريش لا ننبر ... ولما حج المهدي قدم الكسائي يصلي بالمدينة، فهمز فأنكر أهل المدينة عليه، وقالوا: تنبر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن؟ ".
لسان العرب، جـ٦، ص٤٣٢٣. طبعة دار المعارف.

<<  <   >  >>