العناصر الأساسية لنظام الجملة. ولا ضير من الاهتمام بالإعراب -نوع اهتمام- على أساس أنه أهم دليل من أدلة التعليق الذي ينتظم الجوانب الثلاثة الأخرى، ونعني بها "الاختيار" و"الموقعية" و"المطابقة".
بقي علينا في هذا المجال أن نشير إلى مصدر مادة الدراسة وطبيعة هذه المادة. المادة هي العربية الفصيحة التي يستخدمها طلاب الجامعات، وبخاصة في أقسام اللغة العربية. وهذه اللغة الفصيحة لغة مكتوبة في الأغلب الأعم، والأمثلة كلها أو جلها مستقاة من أعمالهم التحريرية في البحوث والاختبارات. وإنما كان اعتمادنا على اللغة المكتوبة، لأن لغتهم المنطوقة لا تفيدنا في شيء في هذا المجال: إنها لغة لا يمكن أن تدخل في إطار الفصيحة بالمعنى الذي يرتضيه المعياريون، وإنه لمن الظلم لها ولهم أن تؤخذ هذا المأخذ، فهي خليط مسوخ من أنواع شتى من اللهجات ومن ضروب شتى من الأساليب العربية التي ندر أن يكون أحدها فصيحا أو ما أشبه.
حتى لو تعمد الطلاب الكلام بالفصيحة لوقعنا في حرج معهم ومع أنفسنا، إذ لن يستطيع الواحد منهم أن يرسل الكلام الصحيح إرسالا لمدة تزيد عن الدقيقة الواحدة. وفي الحق أنهم معذورون، فكثير من المتخصصين والمهتمين بشئون العربية لا تسعفهم قدراتهم اللغوية بمادة منطوقة صحيحة لأكثر من دقائق معدودة.
والأخذ من اللغة المكتوبة يشكل صعوبة حقيقية أمام الدارسين. ذلك أن هذه اللغة محرومة من بعض الظواهر الصوتية ذات الأهمية في التحليل اللغوي على مستوى التراكيب "وغيرها". ونعني بذلك مثلا التنغيم والفواصل الصوتية من وقفات وسكنات واستراحات. وكلها ظواهر مهمة في تحديد أنماط الكلام وأنواع الجمل، وتعين على الكشف عن خواص التركيب، فيما يتعلق بالموقعية في أقل تقدير. وفيما تفيدنا علامات الترقيم في تعرف هذه الظواهر