الظروف والحالات التي تواجهنا، شريطة أن يكون صوغها على وفق المألوف لألسنة العرب وآذانهم قدر المستطاع.
أما من حيث الكم والأقدار المنقولة من الألفاظ بالتعريب فهناك آراء: هناك من لا يجيز التعريب ألبتة، لأن فيه -على ما يرى أصحاب هذا الرأي -إفساد للعربية وتشويها لمادتها. وعندهم أن الترجمة هي السبيل الأوفق والأولى بالاتباع في هذه السبيل. وهناك في الجانب الآخر من يرى فتح باب التعريب على إطلاقه، دون شرط أو قيد، على أساس أن المصطلح المعرب أقرب في الدلالة على المفهوم المقصود وأكثر وفاء بأغراض التعبير من الترجمة. أما المنصفون من الدارسين والباحثين فلا يرون بأسا من التعريب، وبخاصة في المراحل الأولى من نقل العلوم والفنون الأجنبية، ولكن بأقدار مناسبة، وحيث تكون الحاجة ملحة إلى هذا النهج. وهم في ذلك يستدلون بما جرى في القديم، حيث أقدم علماؤنا على تعريب أعداد كبيرة من المصطلحات ذات الأهمية الخاصة، على ما هو معروف ومشهور.
ونحن من جانبنا نأخذ بهذا الرأي، ولكن بشروطنا الخاصة التي تتمثل في وجوب وضع التعريب تاليا للترجمة في المحاولة والاجتهاد، وفي وضع نوع من الضوابط التي تحكم هذا النقل بالتعريب.
المعنى الرابع:
يشيع بين أهل الاختصاص من الدارسين العرب في السنوات الأخيرة توظيف مصطلح "التعريب" في مفهوم خاص، وإن كان هذا المفهوم ما يزال غائما في أذهان الكثيرين منهم. وأحسب أن أوضح تحديد له وأدق تفسير لمعناه في سياق المعارك الدائرة حوله الآن، هو ما قدمه لنا الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني في بحث له اشترك به في فعاليات المؤتمر الثامن والخمسين لمجمع اللغة العربية بالقاهرة ١٩٩٢م.