مضطرب، لا هو إلى الأجنبي ينتمي، ولا هو إلى العروبة ينتسب. وإنما هو جو فاقد "الهوية" مشتت السمات مشوه القسمات، ليس له حدود ضابطة ولا أصول ثابتة. وهذا هو الضياع القومي والانهيار الفكري الذي ينذر بمحو روح الانتماء التي تعد اللغة قطبها الذي يتجسد وتتمثل فيه كل القيم والمثل وأنماط السلوك الفارقة بين قوم وقوم والمميزة لأمة من أخرى.
٢- التعريب مطلب علمي:
توظيف العربية في العلوم ييسر للطالب والباحث العربي العملية العلمية والتعليمية، ويساعدهما على سرعة الفهم والتحصيل والانتاج. والقول بأن الطالب العادي تعوزه أدوات التعبير بالعربية الفصيحة الصحيحة قول يحمل بطلانه في طياته. إذا كان هذا الطالب ضعيفا في لغته القومية فهو في اللغة الأجنبية أضعف، وإذا كان عاجزا عن توظيف اللغة العربية فهو في التعامل مع اللغات الأجنبية أعجز. ومنطق الأشياء يقرر أن الإنسان مهما تزدد حصيلته من اللغة الأجنبية، فلن يقوى على التعامل بها أو توظيفها بالقدر الذي يمنحه لسان أمه، الذي استقر في عقله ووجدانه ولازمه منذ نعومة أظفاره، ويروى أن "كلوت" بك ناظر مدرسة الطب المصرية في عهودها الأولى، كان حريصا على ترجمة المواد الطبية من الفرنسية إلى العربية، وفاء بهذا المعنى نفسه. ويقول في ذلك:"إن التعليم بلغة أجنبية لا تحصل منه الفائدة المنشودة، كما لا ينتج منه توطيد العلم أو تعميم نفعه".
٣- التعريب مطلب لغوي:
التعريب يمنح لغتنا القومية فرصة ذهبية بتمكينها من التفاعل الحي والكشف عن طاقاتها، تلك الطاقات والقدرات التي لم يحاول بعض الدارسين تنشيطها واستغلالها، وتركوها معطلة -قصدا أو عن غير قصد- حتى غدت في نظرهم عاجزة عن الوفاء بحاجاتهم من وسائل التعبير وأدواته. ومن ثم