ثم يرفع المعارضون أصواتهم، معلنين عجز العربية وقصورها عن أداء دورها في هذا المجال.
وقد يزيد هؤلاء المعارضون من حججهم، بإبراز المصطلحات العلمية أمام الداعين إلى التعريب، إذ إن غالبية هذه المصطلحات لها صفة العالمية، ولا تستطيع لغة واحدة أن تتعامل معها وتنقلها إليها بأدواتها التعبيرية الخاصة، فتنفصم العرى بين الدارسين وتضطرب الأمور وتختلط مفاتيح العلم المتمثلة في هذه المصطلحات.
وحقيقة الأمر أن المصطلحات العلمية مشكلة قائمة بذاتها، سواء أخذنا بالتعريب أم لم نأخذ به. ومن ثم تستحق وقفة خاصة للنظر في أبعادها وإبداء الرأي في معالجتها، وأملنا أن نعود إلى ذلك في فرصة أخرى بمشيئة الله.
ومع ذلك يمكننا في هذا السياق -سياق تعريب العمل فكريا ولغويا- أن نشير إلى جملة من الخطوط العريضة التي يتمشى تطبيقها مع مبدأ التعريب ويفي بحاجة الداعين إلى هذا المبدأ. ويمكن أن نوجز تصورنا لهذا المنهج في الأمور التالية:
أولا: في حالة الابتكار أو التعريب الفكري
إذا كان الباحث المعين مبتكرا في تخصصه ومجال مسئوليته العلمية، فليست هناك صعوبة ذات بال تقف في طريق ابتكار مصطلحاته ووضعها بالطريق المعهود في وضع المصطلحات. إنه صاحب المادة العلمية في هذه الحالة، وبمقدوره حينئذ أن يصنع مفاتيحها ويشكلها وفقا لما صنعت له من علم وفن. وهذا هو الحال المعهود عند كل الرواد من الدارسين الذين يأتون بالجديد، معتمدين على أفكارهم ومحصولهم المعرفي. وقد تشيع ابتكاراتهم العلمية حاملة معها مفاتيحها، أي مصطلحاتها، وتصبح تراثا عاما يمتاح منه الماتحون