اللغة العربية، بقدر ما هو من إعجاب يصل حد الاستسلام للحضارة الغربية١.
٢- حجب اللغات الأجنبية عزل لمسيرة التطور العلمي:
يتوهم المعارضون أن الدعوة إلى التعريب تعني -بطريق مباشر أو غير مباشر- إهمال اللغات الأجنبية وإبعادها وإخراجها من الحسبان في ميادين العلم والثقافة، في حين أن هذه اللغات هي الأداة الأساسية والفعالة التي تمكننا من ملاحقة ما يجري في العالم من نشاط علمي يزيد من معارفنا وينمي قدراتنا وطاقاتنا، ويدفعنا إلى التعمق والتجويد. وزحزحة هذه اللغات عن الساحة العلمية تستتبع حتما حصرنا في دائرة ضيقة تحدها أسوار العزلة التي تعني الجمود.
وهذا -في الحق- وهم مرفوض، إذ لم يدر بخلد أي من الداعين إلى التعريب أن ينزلق إلى هذا الوهم أو مجرد التفكير فيه أو الانحياز إلى جانبه إن الأمر على العكس من ذلك. إن دعاة التعريب ينادون في الوقت نفسه بضرورة إجادة اللغات الأجنبية بالقدر الذي يسعف المهتمين بالشئون العلمية ويمكنهم من فتح نوافذ جديدة تصلهم بالعالم من حولهم وتمنحهم فرصة المشاركة والتفاعل مع الأجواء العلمية هنا وهناك.
وقد نسي الرافضون لدعوة التعريب أن هناك فرقا كبيرا بين إجادة لغة للإفادة منها وفرضها فرضا على معاهد العلم، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى سيطرة هذه اللغة على مقوماتنا العلمية والثقافية والفكرية، وإلى طرح اللغة القومية جانبا، فيجف ماؤها وينضب معينها، فتكف عن المنح والعطاء، ومن
١ صالح أحمد العلي "أسلوب الكتابة والهوية الثقافية القومية" من مجموعة بحوث ومقالات صادرة عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، بعنوان "اللغة العربية والوعي القومي" ص١٧٨ الطبعة الأولى سنة ١٩٨٤م.