أو آجلا -إلى تبعية ثقافية واجتماعية. وهي تبعية أشد خطورة وأعمق تأثيرا، لاتساع دائرتها وتعدد مناحيها، إذ سوف تجر إلى ساحتها جميع الطبقات والفئات، وتهدد بيئتهم الاجتماعية وتشوه هويتهم الثقافية.
تحقيق مطلب التعريب قوميا:
تحقيق التعريب وجعله حقيقة واقعة لا يجدي فيه رفع الصوت أو إطلاق الشعارات في جانبه، كما لا تغني فيه جهود أفراد أو جماعات منهم في محاولة شق الطريق إلى هذا الهدف المنشود. إن إطلاق الشعارات ورفع الصوت بالنداءات الداعية إلى ضرورته وحتميته لا تلبث أن تفنى في الهواء دون إحداث أي أثر لها، سوى رجعها الذي يحشو الآذان ويشغل الأدمغة بالضوضاء. وكذلك تبقى جهود الأفراد أعمالا متناثرة هنا وهناك، محرومة من المنهجية والتكامل، الأمر الذي يفقدها قوة الفاعلية ويعرضها للتضارب، وربما التناقض أحيانا.
تحقيق التعريب قوميا، وبصورة علمية جادة، يحتاج إلى نظرة شاملة مبنية على تخطيط مرسوم ذي حدود وضوابط تكفل له التطبيق السليم، حسب الأهداف والغايات المنوطة به.
يقتضي الأمر في نظرنا تأسيس هيئة علمية تلقي إليها مسئولية النظر والدرس والتخطيط ووضع مناهج التنفيذ ومكانه وزمانه، وكيفياته. تشكل هذه الهيئة بحيث تنظم أعضاء من ذوي الاختصاص والخبرة والمعرفة الواسعة بالعلوم واللغة، وبحيث تكون مبرأة من الألوان السياسية أو الانحياز إلى اتجاهات أيديولوجية غير قومية أو إلى مرام شخصية أو نفعية. هدفها الأول والأخير خدمة العلوم في الإطار القومي العام.
ولقد أحسن "السودان" الشقيق صنعا حين أقدم في سبتمبر ١٩٩٠م على تأسيس ما سموه "الهيئة العليا للتعريب"، متضمنا هذا التأسيس