الجانب الآخر من الصورة توجد الأمثلة الكثيرة التي تثبت فيها رموز الحركات الطوال في مرحلة متقدمة من تاريخ العربية. ويدل هذا السلوك غير المطرد على أن الكتابة العربية في هذا الشأن كانت تتأرجح بين طريقين: الطريق القديم المعهود بها والمعروف لدى أصحابها، وهو عدم الإشارة إلى هذه الحركات في الكتابة، والطريق الجديد الذي انتقل إليها من أخواتها الساميات، والذي يعني بتصوير هذه الحركات بالرموز: وهذا هو شأن مراحل الانتقال دائما.
ولنا على كلام رايت السابق ملاحظة أخرى جديرة بالنظر في هذا المقام وهذه الملاحظة ذات شقين:
الأول: يدل كلام هذا الباحث على أن كلا من الواو والياء في نحو حوض وبيت يكون جزءا من حركة مركبة diphthong، جزؤها الآخر هو الفتحة السابقة عليهما، وتمثل هذه الحركة المركبة في الكتابة هكذا: "au =وْ"، "ai = َيْ".
وهذا التقدير في نظرنا تقدير غير صحيح؛ إذ الواو والياء في هذا الموقع ونحوه ليستا جزأين من حركتين "ولا حركتين بالطبع"؛ بل هما صوتان صامتان consonants أو ما يسميان بالاسم "أنصاف حركات"؛ لشبههما الواضح بالحركات في النطق. وهذا الذي ندعيه مبني على أساس الخواص النطقية والوظيفية للصوتين: فتحة + واو أو ياء ساكنة "غير متحركة". أما من حيث النطق. فهذه المجموعة combination لا تنطبق عليها الصفات النطقية للحركات المركبة التي تتمثل أساسا في أن أعضاء النطق تبدأ في منطقة حركة من حركات وتسير مباشرة في اتجاه حركة أخرى، مكونة حركة واحدة ذات خاصة انزلاقية a vowel-glide. وهذه الصفة الانزلاقية مفقودة في نطق الفتحة العربية متلوة بواو أو ياء ساكنة، إذ يحدث في نطقها أن تنتقل أعضاء النطق من