الحنجرة، ولهما قدرة على الحركة. فقد يقترب أحدهما من الآخر أو يبتعد عنه، وقد يشتد الاقتراب بينهما حتى تلتقي قمتاهما فينسد فراغ الحنجرة. وهذا هو ما يحدث بالفعل عند النطق بالهمزة، حيث يؤدي هذا الالتقاء إلى انطبق الوترين الصوتيين انطباقا تاما.
والمصطلح "حنجرة" نفسه ليس غريبا عن ابن سينا، كما هو معروف. وقد قدم لنا في رسالته المذكورة وصفا بارعا مفصلا لهذا العضو وأجزائه المختلفة "وهي الغضاريف" مشيرا إلى ما يطرأ على هذه الأجزاء أثناء عملية إصدار الكلام وغيرها.
اقتصرنا في كل ما سبق على وصف الهمزة ومناقشة مشكلاتها من وجهة النظر الصوتية الصرفة، فبنينا هذه المناقشة على أساس أنها صوت مفرد منعزل، ونظرنا إليها في ذلك من ناحيتين اثنتين.
١- الناحية العضوية أو الفسيولوجية physiological، وهي تتعلق بكل ما يتصل بأعضاء النطق وأوضاعها وحركاتها المختلفة.
٢- ناحية التأثير السمعي audible effect، من حيث تلك الآثار السمعية التي تحدثها الذبذبات الصوتية المنتشرة في الهواء والتي تؤثر في أذن السامع تأثيرا معينا والتي تنتج -في وقت نفسه- عن ميكانيكية النطق.
وهذه النظرة بجانبيها نظرة صوتية محضة، أي: جاءت على مستوى الفوناتيك at the phonetic level.
أما دراسة الهمزة من الناحية الصوتية الوظيفية at the phonological level أي على مستوى الفنولوجيا، بالنظر إلى قيمتها ووظيفتها في التركيب الصوتي للغة العربية؛ نقول أما هذه الدراسة فلم نعرض لها هنا لسببين.