للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من خواص الهمزة١. الأولى، كيفية نطقها وهو مكون من مرحلتين، ونعني بذلك سد طريق الهواء في الحنجرة بانطباق الوترين الصوتيين، ثم خروج هذا الهواء منفرجا إلى الخارج بعد ذلك فجأة وبسرعة. وقد عبر ابن سينا عن الحالة الأولى بالحفز القوي في الحجاب وعضل الصدر، وهو حفز نحس به بقوة عند بداية نطق الهمزة، بسبب انضغاط الهواء وحصره الناتجين عن انطباق الوترين، كما أشرنا إلى ذلك عند تفسير كلام الزركشي. أما الخطوة الثانية "وهي الانفجار" فقد أشار إليها الشيخ الرئيس "باندفاع الهواء" الذي ينقلع بالعضلات الفاتحة أي: ينحيها بعضها عن بعض فتنفتح الحنجرة "أي ينفرج الوتران" مصحوبا ذلك كله بخروج الهواء المضغوط.

أما الخاصية الثانية التي ينتظمها هذا الوصف البارع فهي تتعلق بالمنطقة التي تصدر منها الهمزة. إنها الحنجرة بصريح عبارة ابن سينا. فليس "الطرجهاري" المذكور في الصوف السابق إلا ما نسميه اليوم بالغضروف الهرمي arytenoid، وهما في الواقع غضروفان هرميان، وسميا كذلك لأن كلا منهما يشبه الهرم٢. وهذان الغضروفان يكونان جزءا رئيسيا من غضاريف


١ الخاصة الثالثة والمكملة لخواص الهمزة هي حالتها من حيث وضع الأوتار الصوتية، أي من حيث الجهر والهمس، ولم يشر إليها ابن سينا هنا.
٢ الغضروف الهرمي aryteniod أشير إليه "بالطرجهاري" مرة و"بالطرجهالي" مرة أخرى في رسالة ابن سينا المذكورة. ويبدو أن كلا الاستعمالين صحيح، على ما يفهم من القاموس المحيط، إذ جاء فيه "طرجهارة" شبه كأس يشرب فيه، وفي مكان آخر يقول: "الطرجهالة بالكسر الفنجانة كالطرجهارة". ويقول الدكتور أنيس "أصوات اللغة عند ابن سينا: مجموعة بحوث مؤتمر مجمع اللغة العربية يناير ١٩٦٣، ص١٨٠": الطرجهاري "من الكلمة الفارسية طرجهارة أي: كأس للشرب". ثم يقول: "ويبدو أن هذا الغضروف قد ظهر لأطباء العرب القدماء على هذه الصورة على حين أنه بدا للإغريق القدماء على شكل المغرفة لأن معنى aryteniod الشبيه بالمغرفة. ويرى الدكتور شرف أن هذا الغضروف في الحيوان يشبه فم الإبريق. ولذا سماه ابن سينا بالطرجهاري". أما نحن فقد سميناه بالهرمي لأنه يشبه الهرم إلى حد ما. وهذه التسمية هي المشهورة الآن، كما يبدو مثلا من عبارة "هيفنر" "علم الأصوات العام ص١٦": roughly pyramid-shaped arytenoid artilages. ومما يذكر أن بعض الباحثين يسميه "الطرجهالي" ويدعوه آخرون "الطهرجلياني". والتسمية الأولى ذكرها إلياس أنطون إلياس في قاموسه المعروف، والثانية للدكتور عبد الرحمن أيوب أصوات اللغة ص٤٨ ط٢".

<<  <   >  >>