للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التثنية ونون الجمع ونون التنوين، هؤلاء كلهن سواكن. فلما اجتمع ساكنان، هي والحرف الساكن بعدها، كسرت لالتقائهما؛ فقلت: اضرب، اذهب. ولم يجز أن يتحرك ما بعدها لأجلها. من قبل أنك لو فعلت ذلك لبقيت هي أيضا في أول الكلمة ساكنة، فكان يحتاج لسكونها إلى حرف قبلها محرك، يقع الابتداء به. فلذلك حركت هي دون ما بعدها"١. وقد تبع ابن جني في رأيه هذا كل من الرضي وابن الحاجب، على ما يروي ابن كمال باشا٢.

ويبدو أن ابن جني قد تأثر برأي أستاذه أبي علي الفارسي في ذلك، يروي الصبان عن السيوطي في الهمع أن البصريين اختلفوا في كيفية وضع همزة الوصل، "فقال الفارسي وغيره: اجتلبت ساكنة، لأن أصل المبني السكون، وكسرت لالتقاء الساكنين"٣.

ويرى شمس الدين أحمد صاحب أحد شرحي المراح أن هذه الكيفية لوضع الهمزة تمثل رأي الجمهور، فهي -عندهم- اجتلبت ساكنة "لما فيه من تقليل الزيادة، ثم لما احتيج إلى تحريكها حركت بالكسرة لأنه أصل في تحريك الساكن"٤.

ثانيهما: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنها اجتلبت متحركة "لأن سبب الإتيان بها التوصل إلى الابتداء بالساكن فوجب كونها متحركة كسائر الحروف المبدوء بها". وهذا رأي جماعة من البصريين على ما يفهم من كلام الصبان٥، كما هو رأي ابن كمال باشا الذي يرفض اتجاه ابن جني السابق، ويذهب إلى أن ما قرره أبو الفتح "باطل لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه. وهو الهروب عن


١ سر صناعة الإعراب لابن جني جـ١ ص١٢٧.
٢ شرح مراح الأرواح لابن كمال باشا ص٥٥.
٣ الصبان على الأشموني جـ٤ ص٣٠٩.
٤ شرح مراح الأرواح لشمس الدين أحمد ص٥٥.
٥ الصبان: المرجع السابق جـ٤، ص٢٠٩.

<<  <   >  >>