للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- قمة الدراسات اللغوية:

١- علم الدلالة، أو دراسة "المعنى" فرع من فروع علم اللغة، وهو غاية الدراسات الصوتية، والفونولوجية، والنحوية، والقاموسية، إنه قمة هذه الدراسات. وإذا كانت الدراسات الصوتية والفونولوجية والنحوية والقاموسية لم ينهض بها عادة إلا اللغويون، فإن النظر في "المعنى" موضوع شارك فيه علماء ومفكرون من ميادين مختلفة، شارك فيه من قديم: الفلاسفة، والمناطقة خاصة، وشارك فيه علماء النفس وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا حديثا، وأسهم فيه علماء السياسة والاقتصاد، وجماعات من الفنانين والأدباء، والصحفيين وذلك لأن "المعنى" اللغوي من شأنه أن يشتغل المتكلمين جميعا على اختلاف طبقاتهم، ومستوياتهم الفكرية؛ لأن الحياة الاجتماعية تلجئ كل متكلم إلى النظر في معنى هذه الكلمة، أو تلك، أو هذا التركيب أو ذاك، هكذا أدلى كل متكلم تقريبا بدلوه في هذه المشكلة الخطيرة.

وقد نجم عن اشتراك اللغويين وغير اللغويين من أصحاب العلوم والأفكار المختلفة، أن ظهرت نظريات كثيرة. ومناهج عدة فيما يتعلق بالمعنى من حيث تحصيله وماهيته، ودراسته.

كما نجم عن ذلك خلط كثير، وإساءة فهم لمشكلة "المعنى" حتى لقد ضجر كثير من الغربيين من اللغويين المحدثين من الكلمة الدالة على "المعنى" ومن سوء استعمالها، ومما توقع فيه من مشكلات، ودعا إلى تجنب استعمالها١. ولكن ما من شك في أن تجنب استعمال هذه الكلمة شيء، وبقاء التصور الذي تدل عليه شيء آخر، فكل لغوي يستعمل هذ التصور، والثابت أن علم اللغة لا يتيسر له أن يقوم دون هذا التصور.


١ Allen W. S On The Linguistic Study of Language "An lngaural lnaugural deliv ered in The University of Cambridge on ٨ March ١٩٥٧" Compridge University Press ١٩٥٧ p. ٢٢.

<<  <   >  >>