إن الشعراء يفخرون بأنهم يشربون الخمر مع الأشراف والسادة لا مع المشهورين بكثرة الأكل أو ... إلخ.
إن معرفة معنى هذه العبارة يستلزم معرفة أشياء من نظام الحياة العربية الجاهلية، وسيطلعنا هذا على أن "ذوي الآكال" هم الذين لهم أكبر أنصبة من غنائم الحرب، وهم الذين يتولون توزيعها على مستحقيها، فالأعشى كان يباكر الراح مع سادة قبيلته ووجهائها.
٥- إن الخلاف على معاني الألفاظ والعبارات كثير في حياتنا، وهو يقع بين أقرب الناس، يقع بين الأخ وأخيه وبين الزوج وزوجته. ونسبة كبيرة من الخلافات الزوجية تقوم لأن الرجل "لم يفهم" المرأة، وهي تعجب لأنه لم يفهمها، ولأن المرأة "لم تفهم" الرجل، وهو يعجب لأن كلماته في نظره بسيطة واضحة كل الوضوح.
وهكذا تتردد في أحاديثنا دائما أمثال هذه العبارات:
ماذا تقصد؟ ماذا تعني؟ أفصح! أنا لا أفهمك؟ أنت لم تفهمني؟! ما هذا؟!
وكثيرا ما نستعمل كلمات لو سئلنا عن فهم معناها بالتفصيل لعجزنا؛ لأنها تحتاج إلى مؤرخ لغوي يبين لنا مأتاها، وفي حالات كثيرة يعجز هذا نفسه عن تحديد أصلها.
وذلك كبعض الأمثال التي يفتعل لها بعض اللغويين "تفسيرات". وسوى ذلك من العبارات مما هو من مخلفات حياتنا القديمة. وتناقلناه جيلا بعد جيل، وقد يكون مستعملا أصلا في لغة قديمة مندثرة كان يستعملها أجدادنا ثم نقل إلى اللغة التي حلت محلها إلى أن وصلتنا.
٦- والأمثلة كثيرة على الخلافات الخطيرة التي تحدث في مجالات السياسة والفقه والقضاء والاجتماع والتاريخ بناء على فهم الكلمة الواحدة، أو العبارة، بأكثر من صورة:
يصدر القانون بعد العناية الفائقة بصياغته صياغة دقيقة منعا للبس، وتصحبه "مذكرة تفسيرية"، ولكن عند التطبيق تثور "إشكالات" وتختلف أحكام القضاة،