للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصوات الكلامية. فالرئتان، والحنجرة والحلق، والأنف، واللسان، والأسنان، والشفتان كلها "صالحة" لإنتاج الأصوات الكلامية، ولكنها ليست أعضاء "أصلية" للكلام، إلا إذا اعتبرنا الأصابع أعضاء وظيفتها الجوهرية هي العزف على البيان، أو "الركب" أعضاء الأصل فيها استخدامها في الصلاة. إن الوظيفة البيولوجية الضرورية للرئتين هي التنفس، وللأنف الشم، وللأسنان كسر الطعام وطحنه قبل إعداده لعملية الهضم. فإذا كانت هذه الأعضاء وسواها تستعمل دائما في الكلام فما ذلك إلا لأن أي عضو يخضع للسيطرة الإرادية يمكن أن يستعمل في أغراض ثانوية.

إن "الكلام" من الناحية الفسيولوجية مجموعة من الوظائف المفروضة على الوظائف الأساسية. إنه يستمد عونا من أعضاء ووظائف، عضلية عصبية، تكونت في أصلها لأداء أغراض غير غرض الكلام، وهي لا تزال تؤدي هذه الأغراض، بعد أن استعين بها لإحداث الأصوات الكلامية.

إن الكلام ليس نشاطا بسيطا ينتجه عضو أو أعضاء تلائم الغرض بطريقة بيولوجية. إنه نسيج من الملاءمات معقد غاية التعقيد، ومتنقل أبدا -في المخ، وفي الجهاز العصبي، وفي أعضاء النطق والسمع- ومتجه نحو الغاية المرجوة، غاية التوصيل١.


١ Communication
وظيفة اللغة عند سابير وعند كثير سواه هي "توصيل" الفكر أو التعبير عنه، وقد بينا في كتابنا "اللغة والمجتمع: رأي ومنهج" أن توصيل الفكر أو التعبير عنه ليس إلا وظيفة من وظائف كثيرة يحققها الكلام.

<<  <   >  >>