للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتج عن هذا أن اللغة نشاط غريزي. ولكن الواقع أن جميع المحاولات التي بذلت لتفسير نشأة الكلام بهذه الطريقة لم تسفر عن نتيجة. فليس ثمة دليل واضح، تاريخي أو غير تاريخي، يؤدي إلى بيان أن "عناصر الكلام"١، وأن "عمليات الكلام"٢، قد نتجت عن الصرخات، ثم إن الصرخات ليست إلا جزءا ضئيلا من مفردات اللغة، وهي من حيث الوظيفة غير ذات بال. إنها ليست أكثر من الحواشي المزينة للنسيج الكبير المعقد.

٢- الكلمات المقلدة للأصوات الطبيعية لا تثبت أن اللغة نشاط غريزي:

ثم بين "سابير" أن اعتبار اللغة نشاطا غريزيا اعتمادا على أن في اللغات أصواتا "كلمات" مقلدة للأصوات الطبيعية، وهم باطل، وقرر أن ما ينطبق على "الصرخات" أشد انطباقا على الكلمات المقلدة للأصوات الطبيعية٣، فإن كلمات مثل Whippoorwill ٤ و TO miew و TO Caw ليست بأي معنى من المعاني أصواتا طبيعية قد أنشأها الإنسان بطريقة غريزية أو أوتوماتية. إن هذه الكلمات، كأي كلمات أخرى في اللغة، إنها مثل ابتكارات العقل الإنساني تماما. إن الطبيعة قد قدمت أصولها ليس غير. وإذن فإن نظرية نشأة الكلم التي تفسر الكلام كله بأنه تطور تدريجي من أصوات مقلدة للأصوات الطبيعية لا تدنينا من المستوى الغريزي أكثر مما تدنينا إليه اللغة كما نعرفها في أيامنا.

٣- استعمال المصطلح "أعضاء الكلام" لا دلالة فيه على أن الكلام نشاط غريزي بيولوجي:

أما فيما يتعلق باستعمال اللغويين لذلك المصطلح الشائع "أعضاء الكلام" فقد قال سابير: لا ينبغي أن يضللنا هذا المصطلح فنرى فيه تسليما من اللغويين بأن الكلام نفسه نشاط غريزي بيولوجي، ذلك لأنه ليس ثمة في الحقيقة "أعضاء" خاصة بالكلام، مفردة له، ومقصورة عليه، ووظيفتها الأصلية هي الكلام. إن الموجود فعلا، والمستعمل في عملية الكلام هو أعضاء "صالحة" اتفاقا لإنتاج


١ Elements of speech.
٢ Speach Processes.
٣ Sound - imitative Words.
٤ طائر أمريكي يطير ليلا وله صيحة كصوت اسمه.

<<  <   >  >>