للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيت الخطبة وحدها في أكثر من كراسة أبان فيها عن علوم، ولم أر في شروح خليل مع كثرتها مثله، ودخل تلمسان لما استولى العدو على بلاد الأندلس، ثم ارتحل إلى المشرق، فدخل مصر، واستنهض عزائم السلطان قايتباي لاسترجاع الأندلس، فكان كمن يطلب بيض الأنواق، أو الأبيض العقوق. ثم حج ورجع إلى مصر فجدّد الكلام في غرضه، فدافعوه عن مصر بقضاء القضاة في بيت المقدس، فتولاه بنزاهة وصيانة وطهارة، ولم تطل مدته هنالك حتى توفّي به بعد سنة خمس وتسعين وثمانمائة، حسبما ذكره صاحب الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل فليراجع فإنّه طال عهدي به.

ومن بارع نظمه رحمه الله تعالى قوله في المجبّنات:

وربّ محبوبةٍ تبدّت ... كأنّها الشمس في حلاها

فاعجب لحال الأنام من قد ... أحبّها منهم قلاها ومنه قوله رحمه الله تعالى:

عذري في هذا الدخان الذي ... جاور داري واضحٌ في البيان

قد قلتم إنّ بها زخرفاً ... ولا يلي الزخرف إلا الدخان وقوله:

تأمّلت من حسن الربيع نضارةً ... وقد غرّدت فوق الغصون البلابل

حكت في غصون الدّوح قسّاً فصاحة ... لتعلم أن النبت في الروض باقل وقوله:

وقائلةٍ صف الربيع محاسناً ... فقلت وعندي للكلام بدار

همى ببطاح الأرض صوبٌ من الحيا ... فللنّبت في وجه الزمان عذار

<<  <  ج: ص:  >  >>