اثنتين وستمائة، واستجزته لابني حسن فأجازه وإياي، قال: وانصرف من تونس إلى المغرب، ثم الأندلس، وقدم علينا بعد ذلك مراكش مفلتاً من الأسر، فظهر في حديثه عن نفسه تجازف واضطراب وكذب زهد فيه، وإثر ذلك انصرف إلى المشرق راجعاً، وقد كان إذا أجاز ابني كتب ببخطه جملة من أسانيده وسمى كتباً منها الموطأ والصحيحان وغير ذلك، قال: وقد تبرأت من عهدة جميعه لما أثبتوا من حاله، وحدثني أبو القاسم ابن أبي كرامة صاحبنا بتونس أن السنهوري هذا لما انصرف إلى مصر امتحن بملكها الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب لأجل معاداته أبا الخطاب ابن الجميل، فضرب بالسياط، وطيف به على جمل مبالغة في إهانته، انتهى.
وقال بعض المؤرخين في حقه ما نصه: الشيخ المحدث الرالة إبراهيم السنهوري صاحب الرحلة إلى البلاد، دخل الأندلس كما ذكره ابن النجار وغيره، وهو الذي ذكر لمشايخ الأندلس وعلمائها أن الشيخ أبا الخطاب ابن دحية يدع يأنه قرأ على جماعة من شيوخ الأندلس القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم وإنما اشتغل بالطلب أخيراً، وليس نسبه بصحيح فيما يقوله، ودحية لم يعقب، فكتب السنهوري محضراً وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم أبو الخطاب ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه، وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني، فأمر السلطان بالقبض عليه، فقبض وضرب بالسياط (١) وأشهر على حمار، وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وحرقه، ولم يزل ابن دحية على قرب من السلطان إلى حين وفاته، وبنى له داراً للحديث، وهي الكاملية ببين القصرين، فلم يزل يحدث بها إلى أن مات.
وقد ذكرنا في ترجمة ابن دحية من هذا الكتاب شيئاً من أحواله وأن الناس