للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام، رحمه الله تعالى.

٨٤ - ومنهم الشريف الأجل الرحالة الشيخ نجم الدين بن مهذب الدين، وكنت لا أتحقق من أي البلاد هو من المشرق، ثم إني علمت أنه من بغداد إذا وقفت على كتابين كتبهما في شان العناية به الأديب العلامة أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن عميرة المخزومي: أحدهما لأبي العلاء حسان، والثاني للكاتب أبي الحسن العنسي، وهو الذي يفهم منه أنه من بغداد.

ونص الأول:

يا ابن الوصيّ إذا حملت وصيّتي ... أوجبت حقّاً للحقوق يضاف

وتحيتي كلّ التّحايا دونها ... وكذاك دون رسولها الأشراف

أحسن بأن تلقى ابن حسانٍ بها ... مهتزّةً لورودها الأعطاف

كالروض باكره الندى فلعرفها ... يا ابن النبي على النديّ مطاف

وعلاك إنّ أبا العلا ومكانه ... يلفى به الإسعاد والإسعاف

وأحقّ من عرف الكرام بوصفهم ... من جمّعت منهم له أوصاف هذه يا سيدي تحية تجب لها إجابة وحية، وتصلح بها هشاشة وأريحية، أودعتها بطن هذه العجالة، وبعثتها مع صدر من أبناء الرسالة، ولله در من راضع در النبوة، متواضع مع شرف الأبوة، نازعته طرق الأشعار، وأطراف الأخبار، فوجدت بحراً حصاه الدر النفيس وروضاً يجني منه أطايب السمر الجليس، وينعت بنجم الدين وهو كنعته نجم يضئ سناه ويحل بيتاً من الشرف ربه بناه، وقد جاب الفضاء العريض، وقد رأى القصور الحمر والبيض، وورد الحجون، بعدما شرب من ماء جيحون، وزار مشاهد الحرمين، ثم سار في أرض الهرمين، وفارق إفريقية لهذا الأفق مختاراً وعبر إلى الأندلس فأطال بها اعتباراً، وتشوق إلى حضرة الأنوار المفاضة، والنعم السابغة الفضفاضة، وجعل قصدها بحجة سفره طواف الإفاضة، وهمه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>