للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما شرف إشبيلية فهو شريف البقعة، كريم التربة، دائم الخضرة، فرسخ في فرسخ طولاً وعرضاً، لا تكاد تشمس فيه بقعةٌ لالتفاف زيتونه.

واعلم أن إشبيلية لها كورٌ جليلةٌ، ومدنٌ كثيرةٌ، وحصونٌ شريفةٌ، وهي من الكور المجندة، نزلها جند حمص ولواؤهم في الميمنة بعد لواء جند دمشق. وانتهت جباية إشبيلية أيام الحكم بن هشام إلى (١) خمسة وثلاثين ألف دينارٍ ومائة دينار.

وفي إقليم طالقة من أقاليم إشبيلية وجدت صورةً جاريةً من مرمرٍ معها صبي، وكأن حيّةً تريده، لم يسمع في الأخبار ولا رثي في الآثار صورةٌ أبدع منها، جعلت في بعض الحمامات وتعشّقها جماعةٌ من العوام (٢) .

وقي كورة ماردة (٣) حصن شنت أفرج في غاية الارتفاع، لا يعلوه طائرٌ البتة لا نسرٌ ولا غيره.

ومن عجائب الأندلس البلاط الأوسط من مسجد جامع أقليش (٤) ، فإن طول كل جائزة (٥) منه مائة شبر وأحد عشر شبراً، وهي مربعة منحوتة مستوية الأطراف.

وقال بعض من وصف إشبيلية (٦) : إنها مدينة عامرة على ضفة النهر الكبير المعروف بنهر قرطبة، وعليه جسر مربوط بالسفن، وبها أسواق قائمة، وتجارات رابحة، وأهلها ذوو أموال عظيمة، وأكثر متاجرهم الزيت، وهو


(١) إلى: سقطت من ق ط ج، وكتب فيها " خمسة وثلاثون ".
(٢) انظر الروض المعطار: ١٢٢ في وصف طالقة، ونصاً تفصيلياً عن الصورة المذكورة: ١٢٣.
(٣) ماردة: مدينة بينها وبين بطليوس عشرون ميلاً، قال الرازي: كانت قاعدة الأندلس وقرارة الملك، بنيت في زمن قيصر اكتيبان (Octavian) وهي على نهر آنة، وفي عملها كثير من المدن، وكان لها من القرى والحصون ما يزيد على ثلاثة آلاف قرية كلها متصلة بعضها ببعض بالغروسات والأشجار والزيتون واعنب (مخطوط الرباط: ٤٨) .
(٤) اقليش: (Ucles) قاعدة كورة شنتبرية.
(٥) لجائزة: الخشبة التي تحمل خشب البيت، اي الدعامة، وفي اللسان " الجائز " دون تاء التأنيث.
(٦) انظر الروض المعطار: ١٩ ومخطوطة الرباط: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>