للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا عبدٌ من أقل الأعبد ... قبلتي وجهٌ بأفق الأسعد

كلما أظمأني وردٌ فما ... منهلي إلا بذاك المورد

ها أنا بالباب أبغي إذنكم ... والظما قد مد للكأس يدي وكان قد سلط عليه إنسان مختل إذا رآه يقول: هذا ألف لاشيء عليه، يعني أن ملكه ذهب عنه وبقي فارغاً منه، فشكا رفيع الدولة ذلك إلى بعض أصحابه، فقال: أنا أكفيك مؤونته، واجتمع مع الأحمق، واشترى له حلواء، وقال له: إذا رأيت رفيع الدولة بن المعتصم فسلم عليه وقبل يده ولا تقل هذا ألف لاشيء عليه، فقال: نعم، واشترط الوفاء بذلك، إلى أن لقيه فجرى نحوه وقبل يده وقال: هذا هو باء، بنقطة من أسفل، فقامت قيامة رفيع الدولة، وكان ذلك أشد عليه، وكان به علة الحصى فظن أن الأحمق علم ذلك وقصده، وصار كلما أحس به في موضع تجنبه.

واستأذن يوماً على أحد وجوه دولة المرابطين فقال أحد جلسائه {تلك أمةٌ قد خلت} (البقرة: ١٣٤، ١٤١) استحقاراً له واستثقالاً للإذن له، فبلغ ذلك رفيع الدولة فكتب إليه:

خلت أمتي لكن ذاتي لم تخل ... وفي الفرع ما يغني إذا ذهب الأصل

وما ضركم لو قلتم قول ماجدٍ ... يكون له فيما يجيء به الفضل

وكل إناء بالذي فيه راشحٌ ... وهل يمنح الزنبور ما مجه النحل

سأصرف وجهي عن جنابٍ تحله ... ولو لم تكن إلاّ إلى وجهك السبل

فما موضعٌ يحتله بمرفعٍ ... ولا يرتضى فيه مقالٌ ولا فعل

وقد كنت ذا عذ لٍ لعلك ترعوي ... ولكن بأرباب العلا يجمل العذل ١٥٢ - وأما أخوهما أبو جعفر ابن المعتصم (١) فله ترجمة في المسهب


(١) المغرب ٢: ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>