للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج لهم اثنتي عشرة ياقوتة، كل واحدة منها بألف دينار، وأما الذي أحسنه فاثنا عشر علماً أدونها علم العربية الذي تبحثون فيه، وأما الذي أقول فأنتم كذا، وجعل يسبهم، هكذا نقلت هذه الحكاية من خط الشيخ أبي حيان النحوي، رحمه الله تعالى.

١٦٠ - ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن أبا القاسم عباس بن فرناس (١) ، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة وأول من فك بها كتاب العروض للخليل، وأول من فك الموسيقى، وصنع الآلة المعروفة بالمنقانة (٢) ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال، واحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش، ومد له جناحين، وطار في الجو مسافة بعيدة، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه، فتأذى في مؤخره، ولم يدر أن الطائر إنما يقع على زمكه ولم يعمل له ذنباً، وفيه قال مؤمن بن سعيد الشاعر من أبيات:

يطمّ على العنقاء في طيرانها ... إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم وصنع في بيته هيئة السماء، وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق والرعود، وفيه يقول مؤمن بن سعيد أيضاً:

سماء عباسٍ الأديب أبي ال ... قاسم ناهيك حسن رائقها

أمّا ضراط استه فراعدها ... فليت شعري ما لمع بارقها

لقد تمنيت حين دوّمها ... فكري بالبصق في است خالقها


(١) المغرب ١: ٣٣٣ والمقتبس (تحقيق مكي) الورقة ٢٥٦ ب.
(٢) في الأصول ودوزي: بالمناقلة؛ وهذه صورة من صور الكلمة وأقربها إلى اللفظ المغربي ما أثبتناه، إذ تسمى في المغرب " المنجانة " وهي البنكام أو البنكان الفارسية أي الساعة أو آلة حساب الوقت، وقد تصحفت في المغرب إلى " الميقاتة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>