للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتجهيزاً لمن يصل من عندكم إلى الحجاز الشريف من الوفود، فهذا أمر ضروري التدبير سروري التثمير، لأن النفوس تمل وثير المهاد، فكيف ملازمة صهوات الجياد، وتسأم من مجالسة الشرب، فكيف بممارسة الحرب، وتعرض عن دوام اللذة، فكيف بمباشرة المنايا الفذة، وهذا جبل طارق الذي فتح الله به عليكم، وساق هدي هديته إليكم، لعله يكون سبباً إلى ارتجاع ما شرد، وحسماً لها الطاغية الذي مرد، ورداً لهذا التنازل الذي قدم ورد الصبر لما ورد، فعادة الألطاف الإلهية بكم معروفة، وعزماتكم إلى جهات الجهاد مصرفة، وقد تفاءلنا لكم من هذا الجبل بأنه طارق خير من الرحمن يطرق، وجبل يعصم من سهم يمر من قسي الكفار ويمرق.

وأما ما منحتموه من الخيل العتاق، والملابس التي تطلع بدور الوجوه مشارق الأطواق، والأموال زكت عند الله تعالى ونمت على الإنفاق، فعلى الله عز وجل خلفها، ولكم في منازل الدنيا والآخرة شرفها، وإليكم تساق هدايا أثنيتها وتحفكم تحفها، وإذا وصل وفدكم الحاج، وأنار له بوجه إقبالنا عليهم ليلهم الداج، كانوا مقيمين تحت ظل إكرامنا، وشمول إسعافنا لهم وإنعامنا، يتخولون تحفاً أنتم سببها، ويتناولون طرفاً في كؤوس الاعتناء بهم تنضد حببها، وإذا كان أوان الرحيل إلى الحج فسحنا لهم الطريق، وسهلنا لهم الرفيق، وبلغناهم بحول الله تعالى مناهم من منى، وسولهم ممن إذا زاروا حجرته الشريفة حازوا الراحة من العنا، وفازوا بالغنى، وإذا عادوا عاملناهم بكل جميل ينسيهم مشقة ذلك الدرب، ويخيل إليهم أن لا مسافة لمسافر بين الشرق والغرب، وغمرناهم بالإحسان في العود إليكم، وأمرناهم بما ينهونه شفاهاً لديكم، وعناية الله تعالى تحوط ذاتكم، وتوفر لأخذ الثأر حماتكم، وتخصكم بتأييد تنزلون روضة الأنضر، وتجنون به النصر اليانع من ورق الحديد الأخضر، وتتحفكم بسعد لا يبلى قشبيه، وعز لا يمحو شبابه مشيبه، وتحيته المباركة تغاديكم وتراوحكم، وتفاوحكم أنفاسها المعنبرة وتنافحكم، بمنه وكرمه؛ انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>