والاعتناء بالجبل عنوان هذا الكتاب، ومقدمة هذا الباب، والغفلة عنه منذ أعوام قد صيرتنا لا نقنع باليسير، وقد أبرمته المواعيد، وغير رسومه الانتظار، ومن المنقول " ارحموا السائل ولو جاء على فرس "، والإسراف في الخير أرجح في هذا المحل من عكسه، وكان بعض الأجواد يقول وقد أقتر: اللهم هب لي الكثير، فإن حالي لا تقوم على القليل، وعسى أن يكون النظر له بنسبة الغفلة عنه، والمتعاض له مكافئاً للإزراء به، وخلو البحر يغتنم لإمداده وإرفاده، قبل أن يثوب نظر الكفر إلى قطع المدد وسد البحر، ومن ضيع الحزم ندم، ولا عذر لمن علم، والله عز وجل يطلع من قبلكم على ما فيه شفاء الصدور، وجبر القلوب، وشعب الصدوع، وما نقص مال من صدقة، وطعام الواحد كاف لاثنين، والدين دينكم، والبلاد بلادكم، ومحل رباطكم وجهادكم، وسوق حسناتكم، " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره " وقد قلدنا العهد الحفيظ علينا، المصروف العناية بفضل الله تعالى إلينا، والله المستعان، وعليه التكلان؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ انتهى.
وفي اعتقادي أن هذا المكتوب للسلطان أبي فارس عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن المريني، وأن المراد بالمتغلب الوزير عمر بن عبد الله الذي ظفر به أبو فارس المذكور واستقل بالملك بعد محو أثره، حسبما ذكرناه في غير هذا المحل؛ والله سبحانه أعلم.
٢ - رسالة أخرى في استنهاض السلطان المريني
ومن إنشاء لسان الدين على لسان سلطانه في استنهاض عزم صاحب فاس السلطان المريني لنصرة الأندلس، ما نصه: المقام الذي يؤثر حظ الله إذا اختلفت الحظوظ وتعددت المقاصد، ويشرع الأدنى منه إذا تفاضلت المشارع وتمايزت