للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب طارق إلى موسى بأنّه قد زحف إليه (١) لذريق بما لا طاقة له به، وكان عمل من السفن عدّة، فجهّز له فيها خمسة آلاف من المسلمين، فكملوا بمن تقدّم اثني عشر ألفاً، ومعهم يليان صاحب سبتة في حشده يدلّهم على العورات، ويتجسس لهم الأخبار، وأقبل نحوهم لذريق ومعه خيار العجم وأملاكها وفرسانها، وقلوبهم عليه، فتلاقوا فيما بينهم، وقالوا: إن هذا الخبيث غلب على سلطاننا، وليس من بيت الملك، وإنّما كان من أتباعنا، ولسنا نعدم من سيرته خبالاً واضطراباً، وهؤلاء القوم الذين طرقوا لا حاجة لهم في إيطان بلدنا، وإنّما مرادهم أن يملأوا أيديهم من الغنائم ويخرجوا عنّا، فلهمّ فلننهزم بابن الخبيثة إذا نحن لقينا القوم، فلعلهم يكفوننا أمره، فإذا هم انصرفوا عنّا أقعدها في ملكنا من يستحقّه، فأجمعوا على ذلك، انتهى.

وقال ابن خلدون (٢) - بعد ذكره أن القوطيين كان لهم ملك الأندلس، وأن ملكهم لعهد الفتح يسمى لذريق - ما نصّه: وكانت له خطوة وراء البحر في هذه العدوة الجنوبية خطوها من فرضة المجاز بطنجة، ومن زقاق البحر إلى بلاد البربر، واستعبدوهم، وكان ملك البرابرة بذلك القطر الذي هو اليوم جبار غمارة يسمى يليان، فكان يدين بطاعتهم وبملّتهم، وموسى بن نصير أمير المغرب (٣) إذ ذاكعامل على إفريقية من قبل الوليد بن عبد الملك، ومنزله بالقيروان، وكان قد أغزى لذلك العهد عساكر المسلمين بلاد المغرب الأقصى، ودوّخ أقطاره، وأثخن (٤) في جبال طنجة هذه حتى وصل خليج الزّقاق، واستنزل يليان لطاعة الإسلام، وخلف مولاه طارق بن زياد الليثي والياً بطنجة، وكان يليان ينقم على لذريق ملك القوط لعهده بالأندلس فعلةً فعلها زعموا


(١) ك: زحف عليه.
(٢) تاريخ ابن خلدون ٤: ١١٧.
(٣) ابن خلدون وق: أمير العرب.
(٤) ابن خلدون: وأوغل.

<<  <  ج: ص:  >  >>