للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم لحفظ جوارهم فطن حلاهم هذه الغريزة التي ليست باستكراه ولا جعل، وأمير المؤمنين دام نصره قسيمهم فيها حذو النعل بالنعل، ثم هو عليهم وعلى من سواهم بالأوصاف الملوكية مستعل، ارفض مزنهم منه عن غيث ملثٍ يمحو آثار اللزبة، وانشق غيلهم منه عن ليث ضارٍ متقبض على براثنه للوثبة، فقل لسكان الفلا: لا تغرنكم أعدادكم وأمدادكم، فلا يبالي السرحان المواشي سواء مشى إليها النقرى أو الجفلى (١) ، بل يصدمهم صدمة تحطم منهم كل عرنين، ثم يبتلع بعد أشلائهم المعفرة ابتلاع التنين، فهو كما عرفوه، وعهدوه وألفوه، أخو المنايا، وابن جلا وطلاع الثنايا، مجتمع أشده، قد احتنكت سنه وبان رشده، جاد مجد، محتزم بحزام الحزم مشمر عن ساعد الجد:

لا يشرب الماء إلا من قليب دم ... ولا يبيت له جار على وجل (٢) أسدي القلب آدمي الرواء، لابس جلد النمر يزوي العناد والنواء (٣) :

وليس بشاوي (٤) عليه دمامة ... إذا ما سعى يسعى بقوس وأسهم ولكنه يسعى عليه مفاضة دلاص كأعيان الجراد المنظم

فالنجاء النجاء سامعين له طائعين، والوحى الوحى (٥) لاحقين به خاضعين، قبل أن تساقوا إليه مقرنين في الأصفاد، ويعيا الفداء بنفائس النفوس والأموال على الفاد، حينئذ يعض ذو الجهل والفدامة، على يديه حسرة وندامة، إذا رأى


(١) النقري: الدعوة الخاصة، والجفلى: العامة، يعني وحده أو مع جماعة.
(٢) البيت لأبي سعيد المخزومي (أمالي القالي ١: ٢٥٩) .
(٣) انظر اللسان (شوه - عين) .
(٤) الشاوي: صاحب الشاء.
(٥) في ق ص: والوجل الوجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>