للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأنني لعب الهجير بمهجتي ... وبعثت لي من نفحها نفس الصبا (١)

لا كان يومك يا طريف فطالما ... أطلعت للآمال برقاً خلبا

ورميت دين الله منك بفادح ... عم البسيط مشرقاً ومغربا

وخصصتني بالزرء والثكل الذي ... أوهى القوى مني وهد المنكبا

لا حسن للدنيا لدي ولا أرى ... للعيش بعد أبي وصنوي مأربا

لولا التعلل بالرحيل وأننا ... ننضي من الأعمار فيها مركبا

فإذا ركضنا للشبيبة أدهماً ... حال المشيب به فأصبح أشهبا

والملتقى كثب وفي ورد الردى ... نهل الورى من شاء ذلك أو أبى

لجريت طوع الحزن دون نهاية ... وذهبت من خلع التصبر مذهبا

والصبر أولى ما استكان له الفتى ... رغماً، وحق العبد أن يتأدبا (٢)

وإذا اعتمدت الله يوماً مفزعاً ... لم تلف منه سوى إليه المهربا [واقعة طريف]

وواقعة طريف هذه استشهد فيها جماعة من الأكابر وغيرهم، وكان سببها أن سلطان فاس أمير المسلمين أبا الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني أجاز البحر إلى جزيرة الأندلس برسم الجهاد ونصرة أهلها على عدوهم، حسبما جرت بذلك عادة سلفه وغيرهم من ملوك العدوة، وشمر عن ساعد الاجتهاد، وجر من الجيوش الإسلامية نحو ستين ألفاً، وجاء إليه أهل الأندلس بقصد الإمداد، وسلطانهم ابن الأحمر ومن معه من الأجناد، فقضى الله الذي لا مرد لما قدره، أن صارت تلك الجموع مكسرة، ورجع السلطان أبو الحسن مفلولاً، وأضحى حسام الهزيمة عليه وعلى من معه مسلولاً، ونجا برأس طمرة


(١) ق: وبعثت لي نفس الصبابة والصبا.
(٢) ق: يتأوبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>