للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح في مجلدين كبيرين، وفيه من الفوائد ما لا مزيد عليه، رأيته بالمغرب، واستفدت منه كثيراً.

ومن فوائد الشريف المذكور أنه قال فيما جاء من الحديث في صفة وضوء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، " فأقبل بهما وأدبر " إن أحسن الوجوه في تأويله أن يكون قدم الإقبال تفاؤلاً، ثم فسر بعد ذلك على معنى أدبر وأقبل، قال: والعرب تقدم بكلامها ألفاظاً على ألفاظ أخرى، وتلتزمه في بعض المواضع، كقولهم: قام وقعد ولا تقول: قعد وقام، وكذلك أكل وشرب، ودخل وخرج، وعلى هذا النمط كلام العرب، فتكون هذه المسألة من هذا، قال: ويؤيد ما قلناه - وهو موضع النكتة - تفسيره لأقبل وأدبر في باقي الحديث على معنى أدبر ثم أقبل، ولو كان اللفظ على ظاهره لم يحتج إلى تفسير؛ انتهى.

وحدث رحمه الله تعالى عن جده لأمه قال: كنت بالمشرق، فدخلت على بعض القرائين، فألفيت الطلب يعربون عليه قول امرئ القيس (١) :

كأن أبانا في أفانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمل (٢) فأنشد ولا أدري هل هي له أو لغيره:

إذا ما الليالي جاورتك بساقط ... وقدرك مرفوع فعنه ترحل

ألم تر ما لاقاه في جنب جاره ... كبير أناس في بجاد مزمل وكان بعض الناس ينشد في هذا المقصد قول الآخر:

عليك بأرباب الصدور، فمن غدا ... مضافاً لأرباب الصدور تصدراً


(١) ديوان أمرئ القيس: ٢٥.
(٢) شبه الجبل " أبانا " بالرجل الكبير المزمل في بجاد؛ والبجاد: كساء مخطط، وقيل في مزمل إنها مخفوضة على الجوار وحقها الرفع ولذلك قال في البيت التالي " ألم تر ما لاقاه في جنب جاره ".

<<  <  ج: ص:  >  >>