ذلك، ولعيشه من خدم السلطان، وكان إذا احتاج إلى الطعام وهو في بيت أخيه أعطاني درهماً من عنده أشتري له به ما يأكل، وأقام على هذه الحلة الحسنة سنين كثيرة، ثم إنه دخل يوماً على الفقراء بزاوية المحروق من ظاهر غرناطة، وكان شيخ الفقراء بها في ذلك الوقت الشيخ أبا جعفر أحمد المحدود، فقال لهم: يا سادتي، إنه كان معي قنديل أستضيء به، فقدته في هذه الأيام، وما بقيت أبصر شيئاً، فقال لهم شيخهم المذكور: يا شريف أول رجل يدخل علينا في هذا المجلس يجيبك عن مسألتك، فدخل عليهم رجل من خيارهم من أهل البادية، فسلم وجلس، فقال له الشيخ: إن الشريف سأل الجماعة، فقلت له: أول رجل يدخل علينا يجيبك، فوفقت أنت، فأجبه عن مسألته، فقال له: ما سؤالك يا شريف فقال: إنه كان لي قنديل أستضيء به ففقدته، وما بقيت أبصر شيئاً، فقال له الفقير: هذا لا يصدر إلا عن سوء أدب، أخبرنا بما وقع منك، فقال له الشريف: ما أعلم أنه وقع مني شيء، غير أن المباشر فلاناً طلبه السلطان للمصادرة، فاستخفى منه، فمررت ببابه يوماً، فناداني من شقة الباب: يا سيدي اجعل خاطرك معي لله تعالى، فقلت له: اذكر الذكر الفلاني، قلت: وأنا أظن أنه أمره بذكر اسمه تعالى اللطيف فإنه سريع الإجابة في تفريج الشدائد والكرب، نص عليه البوني في منتخبه، وهو مجرب في ذلك، وقد رواه لي عن بعض مشايخه السيد الشريف أحمد أخوه، فقال له الفقير: هل كان أذن لك في تلقينه قال: لا. قال له الفقير: لا يعود إليك نورك أبداً؛ لأنك قد أسأت الأدب، فكان كما قال، فانقطع وولي بعده قضاء الجماعة، وعزل عن سخط، وخدم الملوك، وأكل طعامهم، وحالته أولاً وآخراً معروفة بغرناطة، نسأل الله تعالى أن لا يجعلنا من المطرودين عن باب رحمته بمنه وكرمه؛ انتهى كلام الراعي رحمه الله تعالى.
رجع إلى مشايخ لسان الدين. رحمه الله تعالى ورضي عنه وسامحه، فنقول: