وأغر كاد لطافة وطلاقة ... ينساب ماء بيننا مسكوبا
قد قام في سطر الندامى فاستوى ... فحسبته ألفاً به مكتوبا
وأكب يشربها وتشرب ذهنه ... فرأيت منه شارباً مشروبا
مشمولة بينا ترى في كفه ... ماء ترى في خده ألهوبا وأنشد لابن عبد ربه صاحب العقد مما نسبه له الفتح في " مطمح الأنفس ومسرح التأنس " (١) :
يا لؤلؤاً يسبي العقول أنيقا ... ورشاً بتقطيع القلوب رفيقا
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... دراً يعود من الحياء عقيقا
وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... ألفيت وجهك في سناه عريقا
يا من تقطع خصره من رقة ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا وأنشد لابن عبد ربه أيضاً:
ودعتني بزفرة واعتناق ... ثم قالت: متى يكون التلاقي
وتصدت فأشرق الصبح منها ... بين تلك الجيوب والأطواق
يا سقيم الجفون من غير سقم ... بين عينيك مصرع العشاق
إن يوم الفراق أفظع يوم ... ليتني مت قبل يوم الفراق وأنشد له أيضاً:
هيج البين دواعي سقمي ... وكسا جسمي ثوب الألم
أيها البين أقلني مرة ... فإذا عدت فقد حل دمي
يا خلي الذرع نم في غبطة ... إن من فارقته لم ينم
ولقد هاج لقلبي سقماً ... حب من لو شاء داوى سقمي
(١) أكثر هذه القطع أورده المقري في الأجزاء السابقة، انظر ٣: ٥٦٤.