للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للغني بالله: يا مولانا إن سيدي يوسف وكلني على طلب إعذاره من مولانا نصره الله على ما يليق بك وبه، فقال له الغني بالله: حسبي الله، وسكت سكتة لطيفة تشعر بفصل الكلام بعضه من بعض، ثم قال: ونعم الوكيل! فعدها الأكياس من مدارك نبله، ومحاسن قوله وفعله؛ انتهى.

قلت: هذا من السلطان في حق لسان الدين غاية التبجيل، أعني قوله " ونعم الوكيل " فأين هذا من سماع كلام أعدائه فيه بعد، حتى آل أمره إلى النحس بعد ذلك السعد وسقاه دهره بعد الحلاوة ما مر، ولم يكن قتله إلا بتسبب السلطان المذكور كما مر:

ثلاثة ليس لها أمان ... البحر والسلطان والزمان [٥ - رسالة ابن خاتمة إلى لسان الدين]

وقال لسان الدين رحمه الله تعالى (١) : ولما قضى الله عز وجل بالإدالة، ورجعنا إلى أوطاننا من العدوة واشتهر عني ما اشتهر من انقباض عن الخدمة والتيه على السلطان والدولة، والتكبر على أعلى رتب الخدمة، وتطارحت على السلطان في استنجاز وعد الرحلة، ورغبت في تبرئة الذمة، ونفرت عن الأندلس بالجملة، خاطبني يعني أبا جعفرابن خاتمة بعد صدر بلغ من حسن الإشارة وبراعة الاستهلال الغاية بقوله: وإلى هذا يا سيدي ومحل تعظيمي وإجلالي، أمتع الله تعالى الوجود بطول بقائكم، وضاعف في العز درجات ارتقائكم، فإنه من الأمر الذي لم يغب عن رأي العقول، ولا اختلف فيه أرباب المعقول، أنكم بهذه الجزيرة شمس أفقها، وتاج مفرقها، وواسطة سلكها، وطراز ملكها وقلادة نحرها، وفريدة دهرها، وعقد جيدها المنصوص، وتمام


(١) انظر الإحاطة ١: ١٢٤ وأزهار الرياض ١: ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>