للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغ في الإحسان الغاية، فطارت قصائده كل المطار، وتغنى بها راكب الفلك وحادي القطار، وتقلد خطة القضاء ببلده، وانتهت إليه رياسة الأحكام بين أهله وولده، فوضحت المذاهب بفضل مذهبه وحسن مقصده، وله شيمة في الوفاء تعلم منها الآس، ومؤانسة عذبة لا تستطيعها الأكواس، وقد أثبت من كلامه ما تتحلى (١) به من مراتب المهارق، ويجعل طيبه فوق المفارق، وكنت أتشوق إلى لقائه، فلقيته بالمحلة من جبل الفتح لقيا لم تبل صدى، ولا شفت كمداً، وتعذر بعد ذلك لقاؤه، فخاطبته بهذه الرقعة:

حمدت على فرط المشقة رحلة ... فذكر لسان الدين ما قدمنا إلى آخره.

وقد أورد جملة من مطولاته وغيرها ومؤلفاته، ولنخلص بعض ذلك فنقول:

ومن شعر أبي الحجاج المذكور يمدح الجهة الكريمة النبوية، مصدراً بالنسيب لبسط الخواطر النفسانية، قوله:

لما تناهى الصب في تشويقه ... درر الدموع اعتاضها بعقيقه

متلهف وفؤاده متلهب ... كيف البقا بعد احتدام حريقه

متموج بحر الدموع بخده ... أنى خلاص يرتجى لغريقه

متجرع صاب النوى من هاجر ... ما إن يحن للاعجات مشوقه

يسبي الخواطر حسنه بديعه ... يصبي النفوس جماله بأنيقه

قيد النواظر إذ يلوح لرامق ... لا تنثني الاحداق عن تحديقه

لبدر لمحته كبشر ضيائه ... للمسك نفحته كنشر فتيقه

سكرت خواطر لامحيه كأنهم ... شربوا من الصهباء كأس رحيقه

عطشوا لثغر لا سبيل لريقه ... إلا كلمحهم للمع بريقه


(١) ق: تتجلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>