الخطيب رحمه الله تعالى قوله من كلام جلبت جملته في أزهار الرياض، واقتصرا هنا على قوله بعد الحمدلة الطويلة ما صورته (١) : أما بعد فإن الله على كل شيء قدير، وإنه بعباده لخبير بصير، وهولمن أهل نيته، وأخلص طويته، نعم المولى ونعم المصير، بيده الرفع والخفض، والبسط والقبض، والرشد والغي، والنشر والطي، والمنح والمنع، والضر والنفع، والبطء والعجل، والرزق والأجل، والمسرة والسماءة، والإسحان والإساءة، والإدراك والفوت، والحياة والموت، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون، وهوالفاعل على الحقيقة وتعالى الله عما يقول الآفكون، وهوالكفيل بأن يظهر دينه على الدين كله ولوكره المشركون، وإن في أحوال الوقت الداهية لذكرى لمن كان له قلب أوألقى السمع وهوشهيد، وعبرة لمن يفهم قوله تعالى " إن الله يفعل ما يشاء " الحج: ١٨ و " إن الله يحكم ما يريد " المائدة:١ بينما الدسوت عامرة، والولاة آمرة، والفئة مجموعة، والدعوة مسموعة، والإمرة مطاعة، والأجوبة سمعاً وطاعة، وإذا بالنعمة قد كفرت، والذمة قد خفرت.
إلى أن قال: والسعيد من اتعظ بغيره، ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً جعلنا الله تعالى ممن قضى عمره بخيره، وبينما الفرقة حاصلة، والقطيعة فاصلة، والمضرة واصلة، وأحبل في انبتات والوطن في شتات، والخلاف يمنع رعي متات، والقلوب شتى من قوم أشتات، والطاغية يتمطى لقصم الوطن وقضمه، ويلحظه لحظ الخائف على هضمه، والآخذ بكظمه، ويتوقع الحسرة أن يأذن الله يجمع شمله ونظمه، على رغم الشيطان ورغمه، وإذا بالقلوب قد ائتلفت، والمتنافرة قد اجتمعت عدما اختلفت، والأفئدة بالألفة قد اقتربت إلى الله تعالى وازدلفت، والمتضرعة إلى الله تعالى قد ابتهلت، في إصلاح الحالة التي سلفت، فألقت الحرب أوزارها، وأدنت الفرقة النافرة مزارها، وجلت الألفة الدينية