للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبحر زاخر، ومدى طوله مستاخر، وإنك لميفخر عليك كفاخر، وقد مر منه في تضاعيف هذا الديوان كثير، ونحن نجلب منه ما يشير إليه مشير؛ انتهى.

١ - فمن ذلك قوله في غرض التحميد مما افتتح به الكتاب في التاريخ المتضمن دولة بني نصر (١) : الحمد لله الذي جعل الأزمنة كالأفلاك، ودول الأملاك كأنجم الأحلاك، تطلعها من المشارق نيرة، وتلعب بها مستقيمة أومتحيرة، ثم تذهب بها غائرة متغيرة، السائق (٢) عجل، وطبع الوجود مرتجل، والحي من الموت وجل، والدهر لا معتذر ولا خجل، بينما ترى الدست عظيم الزحام، والموكب شديد الالتحام، والوزعة تشير، والأبواب يقرعها البشير، والسرور قد شمل الأهل والعشير، والأطراف تلثمها الأشراف، والطاعة يشهرها الاعتراف، والأموال يحوطها العدل أويبيحها الإسراف، والرايات تعقد، والاعطيات تنقد، إذ رأيت الأبواب مهجورة، والدسوت لا مؤملة ولا مزورة، والحركات قد سكنت، وأيدي الإدالة قد تمكنت، فكأنما لم يسمر سامر، ولا نهي ناه، ولا أمر آمر، ما أشبه الليلة بالبارحة، والغادية بالرائحة {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح} (الكهف:٤٥) .

٢ - ومن نثره قوله في استدعاء إمداد وحض على الجهاد: " أيها الناس رحمكم اله تعالى، إخوانكم المسلمون بالأندلس قد دهم العدوقصمه الله تعالى ساحتهم، ورام الكفر خذله الله تعالى استباحتهم، وزحفت أحزاب الطواغيت إليهم، ومد الصليب ذراعيه عليهم، وأيديكم بعزة الله تعالى أقوى، وأنتم المؤمنون أهل البر والتقوى، وهودينكم فانصروه، وجواركم الغريب فلا تحفزوه، وسبيل الرشد قد وضح فلتبصروه، الجهاد الجهاد فقد تعين،


(١) يريد كتاب اللمحة البدرية، انظر مقدمته ص: ٩.
(٢) اللمحة: السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>